للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو ذرّ: يا رسول الله إني منصرف إلى أهلي وناظرٌ متى يُؤمَرُ بالقتال فألحَقُ بك فإني أرى قومك عليك جميعًا. فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: أصبتَ فانصرف. فكان يكون بأسفل ثنيّة غَزال فكان يعترض لِعيَرات قريش فيقتطعها فيقول: لا أردّ إليكم منها شيئًا حتى تشهدوا ألّا إلهَ إلّا الله وأنّ محمدًا رسول الله، فإن فعلوا ردّ عليهم ما أخذ منهم وإن أبوا لم يَرُدّ عليهم شيئًا. فكان على ذلك حتى هاجر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ومضى بدر وأُحُد، ثمّ قدم فأقام بالمدينة مع النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني نَجيح أبو معشر قال: كان أبو ذَرّ يَتَألّهُ في الجاهليّة ويقول: لا إله إلّا الله، ولا يعبد الأصنام (١).

فمرّ عليه رجل من أهل مكّة بعدما أوحى إلى النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا أبا ذرّ إنّ رجلًا بمكّة يقول مثل ما تقول لا إله إلّا الله، ويزعم أنّه نبيّ. قال: ممّن هو؟ قال: من قريش، قال فأخذ شيئًا من بَهْشٍ وهو المُقْلُ فتزوّده حتى قدم مكّة فرأى أبا بكر يُضيف الناس ويُطْعِمُهُم الزبيب، فجلس معهم فأكل ثمّ سأل من الغد: هل أنكرتم على أحدٍ من أهل مكّة شيئًا؟ فقال رجل من بني هاشم: نعم، ابن عمّ لي يقول لا إله إلّا الله ويزعم أنّه نبيّ. قال: فدُلّني عليه، قال فدلّه، والنبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، راقد على دُكّان قد سدل ثوبَه على وجهه، فنبّهه أبو ذرّ فانتبه فقال: انْعَمْ صباحًا، فقال له النبيّ: عليك السلام، قال له أبو ذرّ: أنْشِدْني ما تقول، فقال: ما أقول الشعر ولكنّه القُرآنُ، وما أنا قلتُه ولكنّ الله قاله، قال: اقْرَأ عليّ. فقرأ عليه سورة من القرآن فقال أبو ذرّ: أشهد ألّا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمدًا رسوله. فسأله النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -: ممّن أنت؟ فقال: من بني غفار.

قال فعجب النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، أنّهم يقطعون الطريق، فجعل النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، يرفع بَصَرَه فيه ويصوّبه تعجبًا من ذلك لِما كان يعلم منهم ثمّ قال: إنّ الله يَهْدي مَن يشاء. فجاء أبو بكر وهو عند رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره بإسلامه فقال له أبو بكر: أليس ضيفي أمْسِ؟ فقال: بلى، قال: فانْطلقْ معي. فذهب مع أبي بكر إلى بيته فكساه ثوبين ممشّقين فأقام أيَامًا ثمّ رأى امرأة تطوف بالبيت وتدعو


(١) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٥.