للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القُرَظي عن عبد الله بن مسعود قال: لما نفى عثمان أبا ذرّ إلى الرّبَذَةِ وأصابه بها قدرهُ ولم يكن معه أحد إلّا امرأته وغلامه فأوصاهما أن اغسلاني وكفّناني وضعاني على قارعة الطريق فأوّل رَكْبٍ يمرّ بكم فقولوا هذا أبو ذرّ صاحب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأعينونا على دَفْنِه. فلمّا مات فعلا ذلك، ثمّ وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبد الله بن مسعود في رَهْطٍ من أهل العراق عُمّارًا فلم يَرُعْهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل أن تطأها، فقال إليه الغلام فقال: هذا أبو ذرّ صاحب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأعينونا على دفنه. فاستهلّ عبد الله يبكي ويقول: صدق رسول الله، تمشي وحدك وتموت وحدك وتُبْعَثُ وحدك. ثمّ نزل هو وأصحابه فواروه، ثمّ حدّثهم عبد الله بن مسعود حديثَه وما قال له رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في مَسيره إلى تَبوك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا سعيد بن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن أبي ذرّ أنّه رآه في نَمِرَة مُؤتَزِرًا بها قائمًا يصلّي فقلتُ: يا أبا ذرّ أما لك ثوب غير هذه النمرة؟ قال: لو كان لي لرأيتَه عليّ، قلتُ: فإنّي رأيتُ عليك منذ أيّام ثوبين، فقال: يابن أخي أعطيتُهما مَن هو أحوج إليهما مني، قلتُ: والله إنّك لمحتاج إليهما، قال: اللهمّ غفرًا، إنّك لمعظّم للدنيا، أليس ترى عليّ هذه البُرْدة ولي أُخْرى للمسجد ولي أعْنُزٌ نحلبها ولي أحْمِرَةٌ نحتمل عليها ميرتَنا وعندنا مَن يخدمنا ويكفينا مهْنَةَ طعامِنا فأيّ نعمةٍ أفضل ممّا نحن فيه؟

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا سفيان الثوري عن عمّار الدّهْني عن أبي شُعْبة قال: جاء رجل من قومنا أبا ذرّ يعرض عليه فأبَى أبو ذرّ أن يأخذ وقال: لنا أحمرة نحتمل عليها وأعْنُزٌ نحلبها ومُحرَّرة تخدمنا وفضل عباءة عن كِسْوَتنا وإني لأخاف أن أحاسَبَ بالفضلِ.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا يزيد بن عليّ الأسلميّ قال: حدّثني عيسى بن عُميلة الفَزاريّ قال: أخبرني من رأى أبا ذرّ يحلب غُنيمة له فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه (١)، ولقد رأيتُه ليلةً حلب حتى ما بقى في ضُروع غنمه


(١) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٧٨.