للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: لأنّ وجهه وجه نَبىّ وعَيْنه عين نبىّ، قال: سُبحان الله، اللهُ أجَلّ ممّا تقول، وقال: يابن أخى ألَا تسمع ما يقولون؟ قال: أىْ عَمّ لا تُنْكِرْ لله قُدْرَةً (١).

أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا محمد بن صالح بن دينار وعبد الله بن جعفر الزهرى قال: وحدّثنا ابن أبى حبيبة عن داود بن الحصين قالوا: لمّا خرَج أبو طالب إلى الشأم وخرج معه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى المرة الأولى، وهو ابن اثنتى عشرةَ سنة، فلمّا نَزَل الرَّكْبُ بُصْرَى من الشأم، وبها راهب يُقال له بَحِيرَا فى صَومعة له، وكان علماء النّصارى يكونون فى تلك الصومعة يتوارثونها عن كِتَاب يَدْرسونه، فلمّا نزلوا ببَحِيرَا وكان كثيرًا ما يمرّون به لا يكلِّمهم حتى إذا كان ذلك العام، ونزلوا مَنْزِلًا قريبًا من صَومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلّما مَرّوا، فصَنَع لهم طعامًا ثمّ دَعَاهم (٢).

وإنّما حَمَله على دُعائهم أنّه رآهم حين طَلعوا وغَمامة تظلّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من بين القوم حتى نزلوا تحت الشجرة ثمّ نظر إلى تلك الغَمامة أظَلّت تلك الشجرة واخضلّت أغصان الشجرة على النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حين استظلّ تحتها، فلمّا رأى بَحيرا ذلك نَزَل من صَومعته وأمرَ بذلك الطّعام فأتى به وأَرسَل إليهم، فقال: إنى قد صنعتُ لكم طعامًا يا معشر قريش، وأنا أحبّ أن تحضروه كلّكم، ولا تخلفوا منكم صغيرًا ولا كبيرًا، حُرًّا ولا عَبدًا، فإنّ هذا شئ تكرمونى به، فقال رجل: إن لك لشأنًا يا بحيرا، ما كنت تصنع بنا هذا، فما شأنك اليوم؟ قال: فإنّنى أحببتُ أن أكرمكم ولكم حقّ (٣).

فاجتمعوا إليه وتخلّف رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من بين القوم لحداثة سنّه، ليس في القوم أصغر منه فى رحالهم، تحت الشجرة، فلمّا نَظَر بَحيرا إلى القوم فلم يَرَ الصّفة التى يَعرف ويجدها عنده، وجعلَ ينظر ولا يَرى الغمامة على أحدٍ من القوم، ويَراها متخلّفة على رأس رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال بَحيرا: يا معشرَ قريش


(١) أورده الصالحى فى سبل الهدى ج ٢ ص ١٨٨ - ١٨٩ عن ابن سعد.
(٢) النويرى: نهاية الأرب ج ١٦ ص ٩٠.
(٣) المصدر السابق ج ١٦ ص ٩٠ - ٩١.