للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شاء الله، ثمّ رجعَ إلينا مرعوبًا فَزِعًا، فقالت له عَمّاته: ما دهاك؟ قال: إنّى أخْشَى أنْ يَكونَ بِى لَمَمٌ، فقُلن: مَا كان الله ليبْتليك بالشّيطان وفِيك من خِصال الخير ما فيك، فما الذى رأيْت؟ قال: إنّى كُلّما دَنَوْتُ مِنْ صَنَمٍ مِنْهَا تَمَثَّلَ لى رجُلٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ يَصِيحُ بى وَرَاءَكَ يَا مُحَمّدُ لا تَمَسّهُ! قالت: فما عاد إلى عِيدٍ لهم حتى تنبّأ (١).

أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمى قال: حدّثنى سليمان بن داود بن الحُصين عن أبيه عن عِكرِمة عن ابن عبّاس عن أُبَىّ بن كَعب قال: لمّا قَدِم تُبّع المدينة ونزل بقَناة فبعث إلى أحبار اليهود فقال: إنّى مخرّب هذا البلد حتى لا تقوم به يهوديّة ويرجع الأمر إلى دين العرب، قال: فقال له سامول اليهودى، وهو يومئذ أعلمهم: أيها الملك إنّ هذا بلد يكون إليه مُهاجرَ نَبىّ من بَنى إسْماعيل مَوْلِده مكّة اسمه أحمد، وهذه دار هجرته، إن منزلك هذا الذى أنت به يكون به من القَتلى والجِرَاح أمرٌ كبير فى أصحابه وفى عدوّهم، قال تُبّع: ومَن يقاتله يومئذ وهو نبىّ كما تزعمون؟ قال: يسير إليه قومه فيقتتلون ههنا، قال: فأين قبره؟ قال: بهذا البلد، قال: فإذا قُوتل لمَن تكون الدّبْرة؟ قال: تكون عليه مرّة وله مرّة، وبهذا المكان الذى أنت به تكون عليه، ويُقتَل به أصحابه مَقْتلة لم يُقْتَلوا فى موطن، ثمّ تكون العاقبة له، ويظهر فلا ينازعه هذا الأمرَ أحدٌ، قال: وما صفته؟ قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، فى عينيه حُمرة، يركب البعير، ويلبس الشَّمْلَة، سيفه على عاتقه لا يبالى مَن لاقى أخًا أو ابن عَمّ أو عَمًّا حتى يظهر أمره، قال تُبّع: ما إلى هذا البلد من سبيل، وما كان ليكون خرابها على يدى، فخرج تُبّع منصرفًا إلى اليمن (٢).

أخبرنا محمد بن عمر الأسلمى قال: حدّثنى عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: كان الزّبير بن بَاطَا، وكان أعلم اليهود، يقول: إنّى وجدتُ سِفْرًا كان أبى يختمه علىّ، فيه ذكر أحمد نبىّ يخرج بأرض القَرَظ صفته كذا وكذا، فتحدّث به الزّبير بعد أبيه والنبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لم يُبعث، فما هو إلّا أن سمع بالنبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قد خرَج بمكّة حتى عمد إلى ذلك السفر فَمَحَاه وكتَم شأن النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقال ليس به.


(١) الصالحى: سبل الهدى ج ٢ ص ٢٠١.
(٢) الطبرى: تاريخه ج ٢ ص ١٠٥.