للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخروج، وأنا بعدُ نَاتٍ (١) عن الإسلام، أرى لو أسلمتْ قريش كلّها لم أسلم فَقَدِمتُ مكةَ فجمعتُ رجالًا من قومي كانوا يرون رأيي ويسمعون مني ويقدِّمونني فيما نابهم، فقلت لهم: كيف أنا فيكم؟ قالوا: ذو رأينا وَمِدْرَهُنَا (٢) مع يُمنِ نَقِيبة (٣) وبركةِ أمرٍ قلتُ: تعلَّموا والله أَني لأرى أمر محمد أَمْرًا يعلو الأمورَ عُلوًّا مُنْكَرًا، وإِني قد رأيت رأيًا. قالوا: ما هو؟ قلت: نَلْحَق بالنَّجَاشِيّ فنكون عنده، فإن يَظْهَرْ محمدٌ كنا عند النجاشي، [فنكون] تحت يده أحب إلينا من أن نكون تحت يَدَي محمدٍ، وإن تَظْهَر قريش فنحن مَنْ قد عَرفوا. قالوا: هذا الرأيّ! قلتُ: فاجمعُوا ما تُهْدُونه له. وكان أَحَبُّ ما يُهْدَى إليه من أرضنا الأَدم. قال: فجمعنا أَدَمًا كثيرًا، ثم خرجنا فقدمنا على النَّجاشي، فوالله إِنَّا لعنده إِذْ جاء عَمْرو بن أُمَيَّة الضَّمْرِيّ، وكان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بعثهُ إليه بكتابٍ كتب إليه يُزَوِّجه أُمَّ حَبِيبَة بنتَ أبي سُفْيان، فدخل عليه ثم خرج من عنده، فقلت لأصحابي: هذا عَمْرو بن أُمَيَّةَ. ولو قد دخلتُ عَلَى النَّجاشِيّ قد سألتُه إياه فأَعطانيه فضربتُ عنقه، فإذا فعلتُ ذلك سَررْتُ قريشًا، وكنت قد أَجْزَأْت (٤) عنها حين قَتَلْتُ رسولَ محمدٍ. قال: فدخلتُ على النجاشي فسجدتُ له كما كنت أصنع، فقال: مرحبًا بصديقي! أَهْدَيْتَ إِلَيَّ من بلادك شيئًا؟ فقلت: نعم أيها الملك، أَهْدَيْتُ إليك أَدَمًا كثيرًا.

ثم قَرَّبْتُهُ إليه فَأَعْجَبَهُ، وفَرَّق منه أشياء بين بَطَارِقَتِهِ، وأمر بسائره فأدخل في موضعٍ، و [أمر] أن يكتب ويُتَحَفَّظ (٥) به، فلما رأيتُ طيب نفسه قلت: أَيُّها الملك، إني قد رأيت رجلًا [خرج] من عندك وهو رسولُ رجلٍ عَدُوٍّ لنا، قد


(١) في ث: "ونابت" والمثبت لدى الواقدي في المغازي الذي ينقل عنه المصنف. ولدى ابن كثير وهو ينقل كذلك عن الواقدي "وأنا بعد نائي عن الإسلام".
(٢) المدره: السيد الشريف، والمقدم في اللسان واليد عند الخصومة والقتال (القاموس).
(٣) النقيبة: النَّفْس، يقال: هو ميمون النقيبة، أي: مبارك النَّفْس. وورد لدى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف "مع يمن نفس وبركة أمر".
(٤) أجزأت عنها: أي كفيتها.
(٥) لدى الواقدي "ويُحْتَفَظ".