للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَتَرَنا وقَتَل أَشْرَافَنَا وخِيَارَنَا فأَعْطِنيه فأقتُلهُ! فَغضِبَ فرفع يَدَه فضرب بها أَنْفِي ضَرْبَةً ظننتُ أنه كسرَهُ، وابتدر مَنْخِرايَ (١)، فجعلت أَتَلَقَّى الدَّمَ بثيابي، وأصابني من الذُّلِّ ما لو انْشَقَّت لي الأرضُ دخلتُ فيها فَرَقًا منه. فقلت له: أيها الملك، لو ظننتُ أنك تكره ما قلتُ ما سألتكه، قال: فاستحيا وقال: يا عَمرو، تسألني أَن أُعطيك رَسولَ رسولِ الله، - صلى الله عليه وسلم - مَن يأتيه الناموسُ الأكبر الذي كان يأتي موسى، والذي كان يأتي عيسى بن مريم - لِتَقْتُلَه؟!

قال عمرو، وغَيَّر الله قلبي عَمّا كنت عليه، وقلتُ في نفسي: عَرَفَ هذا الحقَّ العَربُ والعجمُ وتُخالفُ أَنت؟! قلت: وتشهد أيها الملك بهذا؟ قال: نعم. أشهد به عند الله يا عمرو، فأَطِعني وَاتَّبِعْه، والله إنه لَعَلَى الحَقّ وليظهرنَّ على كل من خَالَفَه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم: فبسط يده فبايعتُه على الإسلام، ودعا لي بطَسْتٍ فغسل عَنِّي الدمَ وكساني ثيابًا، وكانت ثيابي قد امتلأت من الدم فأَلقيتُها، ثم خرجت إلى أصحابي فلما رأوا كُسوة الملك سُرُّوا بذلك وقالوا: هل أدركتَ من صاحبك ما أردتَ؟ فقلتُ لهم: كرهتُ أن أكلمهُ في أَوّلِ مَرّةٍ وقلت أعود إليه. قالوا: الرأْيُ ما رأيتَ! وفارقتُهم وكأنّي أَعْمِدُ لحاجة فعمِدتُ إلى موضع السُّفُن فوجدت سفينة قد شُحِنَتْ تَدْفَع (٢)، فركبتُ معهم ودفعوها من ساعتهم حتى أنتهوا إلى الشُّعَيْبَةِ فخرجت بها ومعي نفقةٌ (٣). فاتبعتُ بعيرًا وخرجتُ أريدُ المدينة حتى أتيت على مَرِّ الظَّهْران. ثم مضيتُ حتى إذا كنتُ بالهَدَّة، إذا رجلان قد سبقاني بغير كبير يُريدان منزلًا، وأحدهما داخلٌ في خيمةٍ، والآخر قائمٌ يُمسكُ الراحلتين، فنظرت فإذا خالد بن الوليد. فقلت: أبا سليمان؟! قال: نعم. قلت: أين تريد؟ قال: محمدًا، دَخَلَ الناسُ في الإسلام فلم يبقَ أحدٌ به طُعمٌ (٤) والله لو أَقَمنا


(١) ولدى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف "منخاري".
(٢) وكذا لدى ابن كثير وهو ينقل عن الواقدي. وورد لدى الواقدي في المغازي "بِرُقَعٍ".
(٣) ولدى الواقدي "وخرجت من الشعيبة ومعي نفقة".
(٤) وكذا لدى ابن كثير وهو ينقل عن الواقدي. وورد لدى الواقدي في المغازي "طَمَعٌ".