للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: فسمع صوتَه فأَذِنَ له قبلي فدخل هو وأصحابه، قال: ثم أذِنَ لي، فدخلتُ، فإذا هو جالس، قال: فذكر أين كان مقعدُه من السرير، قال: فلما رأيتُه جئتُ حتى قعدتُ بين يَدَيْه، وجعلتُه خَلْفَ ظَهْرِي، وأَقْعَدْتُ بين كل رجلين من أصحابه رجلًا من أصحابي.

قال: قال النجاشي: نَخِّرُوا (١)، قال عُمَيْر: أي تكلموا. قال: فقال عمرو: فقلتُ إن ابنَ عمِّ هذا بأرضنا، وإنه يَزْعُم أنه ليس للناس إلا إله واحدٌ وإنك إن لم تقتلهُ وأصحابَه لا أقطعُ هذه النُّطفَةَ إليك أبدًا أنا وَلَا أحدٌ من أصحابي، قال فَتَشَهَّدَ. قال: فإنّ أول ما سمعتُ التَّشَهُّدَ يومئذ: فقال: صدق هو ابنُ عمِّي وأنا على دينه. قال: فصاح صِيَاحًا وقال: أَوَّه، حتى قلتُ: ما لابن الحبشيَةِ لا يتكلم! فقال: أَنَامُوسٌ مثل نَامُوسِ موسى؟ ما يقول في عيسى بن مريم؟ قال يقول: هو رُوحُ الله وكلمته. قال: فتناول شيئًا من الأرض وقال: ما أخطأ مِنْ أَمْرِه مثلَ هذه، وقال: لولا مُلْكِي لاتَّبَعْتُكم، وقال لي: ما كنتُ أبالي أَنْ لَا تَأْتِيَنِي أنت ولا أحدٌ من أصحابك أبدًا. وقال لجعفر: اذْهَبْ فأنت آمِنٌ بأرضي، فَمَنْ ضربك قَتَلْتُه، ومَنْ سَبَّك غَرَّمتهُ. وقال لآذِنِهِ: مَتى ما أتاك هذا يَسْتَأْذِن عَلَيَّ فأذن له إلا أن أكون عند أَهْلي، فإن كنت عند أهلي فأَخْبِره، فإن أَبَى فَأْذن له.

قال: وتفرقنا، فلم يكن أحد أحبّ إليّ أن أكون قد لقيته خاليًا من جعفر، قال: فاستقبلني في طريقٍ مَرّةً فنظرتُ خلفهُ فلم أرَ أحدًا، ونظرتُ خلفي فلم أرَ أحدًا. قال: فَدَنوتُ منه فأخذتُ بيدهِ فقلتُ: تعلم أني أشهد أن لا إله إلا الله وَأن محمدًا عبدُه ورسوله قال: فقال: هداك الله فاثبتْ، قال: فتركني وذهب قال: فأتيت أصحابي فكأنما شهدوه معي، قال: فأخذوني فألقَوا عَلَيَّ قَطِيفةً: ثوبًا قال: فجعلوا يَغُمّونَني (٢) وجعلت أُخْرِج رأسي مَرّةً من هذه الناحية، ومَرّةً من هذه


(١) نخروا: تحرف في الأصل إلى "نجزوا" وصوابه عن الذهبي في سير أعلام النبلاء. ولدى ابن الأثير في النهاية (نخر): وفي حديث النجاشي "لمّا دخل عليه عَمْرو والوفد معه، قال لهم: نَخِّروا، أي تكلموا. كذا فُسِّر في الحديث. ولعله إن كان عربيًا مأخوذ من النخير: الصوت هذا بالهامش في النهاية هنا "أفاد في الدر النثير أنه بالحبشة. قال: ومعناه: تكلموا".
(٢) أي: يغطوني، ويحبسون نفسي من الخروج.