للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال أبو الحارث: بلْ تَعسْتَ أنْتَ، أتشتم رجلًا من المُرْسَلين؟ إنّه الذى بشر به عيسى وإنّه لفى التوراة! قال: فما يمنعك من دينه؟ قال: شرّفنا هؤلاء القوم وأكرَمونا ومَوّلونا وقد أَبَوْا إلّا خلافه، فحلف أخوه ألا يَثنى له صَعَرًا حتى يقدم المدينة فيؤمن به، قال: مهلًا يا أخى فإنّما كنتُ مازِحًا، قال: وإن، فمضى يضرب راحلته وأنشأ يقول:

إلَيْكَ تَعْدُو (١) قَلِقًا وضِينُها … مُعْتَرِضًا فى بَطْنِهَا جَنِينُها

مُخَالِفًا دِينَ النّصَارَى دينُهَا

قال: فَقَدِم وأسلم.

أخبرنا علىّ بن محمّد عن أبى علىّ العبدى عن محمّد بن السّائب عن أبى صالح عن ابن عبّاس قال: بعثت قريش النَّضر بن الحارث بن عَلْقَمة وعُقْبة بن أبى مُعَيْط وغيرهما إلى يهود يثرب وقالوا لهم: سَلُوهم عن محمّد، فَقَدِموا المدينة فقالوا: أتيناكم لأمرٍ حدث فينا، منّا غلامٌ يتيمٌ حقيرٌ يقول قولًا عظيمًا يزعم أنه رسول الرحمن، ولا نعرفُ الرحمن إلا رَحْمان اليَمامة، قالوا: صِفُوا لنا صِفته، فَوَصَفوا لهم، قالوا: فمَن تَبِعه منكم؟ قالوا: سِفْلتنا، فضَحَك حَبْرٌ منهم وقال: هذا النبىّ الذى نجد نعته ونجد قومه أشدّ النّاس له عداوة.

أخبرنا علىّ بن محمّد عن يزيد بن عياض بن جُعْدُبَةَ عن حَرام بن عثمان الأنصارىّ قال: قَدِم أسْعد بن زُرَارة من الشأم تاجِرًا فى أربعين رجُلًا من قومه، فرأى رؤيا أنّ آتيًا أتاه فقال: إنّ نبيًّا يخرج بمكّة يا أبا أُمامة فاتّبعه، وآية ذلك أنّكم تَنزلون منزلًا فيُصَاب أصحابُك فَتَنجو أنْت وفلان يُطْعَنُ فى عَيْنِه، فنزلوا منزلًا فَبَيَّتَهم الطّاعون فأُصِيبوا جميعًا غير أبى أُمامة وصاحب له طُعِن فى عينه.

أخبرنا علىّ بن محمّد عن سعيد بن خالد وغيره عن صالح بن كيسان أنّ خالد بن سعيد قال رأيتُ فى المنام قبل مَبعث النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ظُلْمة غَشِيَتْ مكّة حتى ما أرى جبلًا ولا سهلًا، ثمّ رأيتُ نورًا يخرج من زَمزم مثلَ ضَوء المِصباح


(١) فى المطبوع "يغدو" وفى المخطوط "تغدو" وقد اتبعت ما ورد لدى ابن هشام ج ٢ ص ٥٧٤، والنويرى ج ١٨ ص ١٢٢ وهو ينقل عن ابن سعد، والصالحى ج ٢ ص ٦٢٢ وج ٦ ص ٦٥٠. ولدى ابن الأثير فى النهاية (وضن) ومنه حديث ابن عمر "إليك تَعْدُو قَلقا وضِينُها" والوضين: الحزام.