وكتب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، معي إليهما كتابًا يدعوهما فيه إلى الإسلام، وكتب أُبَيُّ بن كعب الكتابَ وختمهُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فخرجتُ حتى قَدِمْتُ عُمان، فعمدتُ إلى عبد بن الجُلُنْدَى - وكان أحلمَ الرجلين وأسهَلهما خُلُقًا - فقلتُ: إني رسولُ رسولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، إليك وإلى أخيك. فقال: أخي المُقدَّمُ عَلَيَّ بالسنِّ والمُلك وأنا أوصلكَ إليه.
فمكثتُ ببابه أيامًا ثم وصلتُ إليه، فدفعتُ الكتابَ إليه مَختومًا، فَفَضَّ خاتمه ثم قرأه إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه فقرأه، وقال لي: يا عَمْرو، أنت ابن سيِّد قومك، فكيف صنع أبوك فإن لنا فيه قُدوة؟ قلتُ: مات ولم يُؤمن بمحمد، - صلى الله عليه وسلم -، وودتُ أنه كان أسلم وصدَّق به، وقد كنتُ أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام. قال: فمتى تَبِعتَه؟ قلتُ: قريبًا قال: فسألني أين كان إسلامي؟ فقلت: عند النجاشي، وقد أسلم. قال: فكيف صَنع قومه بملكه؟ قلت: أَقرُّوه واتَّبعُوهُ. قال: والأساقِفةُ والرُهبانُ تبعوهُ؟ قال: قلت: نعم.
قال: فأَبَى أن يُسلم، فأقمتُ أَيّامًا ثم قلتُ: أنا خارجٌ غدًا. فلمَّا أيقن بخروجي أرسل إِلَيَّ فأجاب إلى الإسلام، فأسلَم هو وأخوه جميعًا، وصَدَّقا بالنبي، - صلى الله عليه وسلم -، وخَلَّيَا بيني وبين الصدقة والحكم فيما بينهم، وكان عونًا لي على مَن خالفني، فأخذت الصدقةَ من أغنيائهم فرددتها على فقرائهم، وأخذت صدقات ثمارهم ما تَجرُوا به، فلم أزل مقيمًا حتى بلغنَا وفاةُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - *).
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا الضَّحَّاك بن عثمان، عن مَخْرَمَةَ بن سُليمان الوَالِبيّ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عُبيد الله قال محمد بن عمر: وأخبرنا محمد بن صالح، عن موسى بن عِمْران بن مَنَّاح. وغيرهما أيضًا قد حدثنا قال: كان عمرو بن العاص عاملًا لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على عُمَان، فجاءهُ يهوديّ من يهود عُمان فقال: أرأيتَ إن سألتك عن شيء أَتَخْشى عَلَيَّ منك؟ قال: لا. قال اليهوديُّ: أنشدُكَ بالله مَن أَرْسَلَكَ إلينا؟ قال: اللهم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -. فقال اليهودي: آلله إنك لتعلم أنه رسول الله؟ فقال له عمرو: اللهم نعم. فقال له اليهوديّ: لئن كان ما تقول حقًّا لقد ماتَ اليومَ. فلما رأى ذلك