للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكتاب عَلَى عُمَر شَقَّ عليه، فَدَعَا عُقْبَة بن عامر الجُهَنِيّ، فكتب معه إلى عَمْرو بن العاص، وقال انطلق في طلب عَمرو فادفع إليه كتابي، فَلَحِقه عُقْبةُ وهو ينظر إلى أرض مصر، فَحَرَّك دَابَّتَه ولَحِقَهُ عُقبةُ، فسألَهُ عَمْرو عن ماله وكيف تركه؟ والكتاب في يد عقبة لا يمد عَمْرو يده إليه حتى دخل أرض مصر، فقال له بعض مَن كان معه: هذه أرض مصر، فقال: اللهم بارك لنا في أرض مصر، ونزل فقال: هات كتاب أمير المؤمنين، فقرأه على طمأنينة فدفعه إليه فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم:

أما بعد، فإنه لم يَحضُرك رُشْدُك ولا ما كان يُنْسَبُ إليك من العقل والتجربة بإقْدَامِكَ عَلَيَّ بما أقدمتَ به، وقطع الأمور دوني بمن معك من المسلمين تسوقهم حيث تريد، وأقسِم بالله لولا أني أظن أن ذلك على النظر منك للمسلمين، لَبَعَثْتُ إليك من يُقدِمُك عَلَيَّ مَاشِيًا من حيث أدركك أو يَحْمِلك عَلَى أَوْعَرِ ما يَجِدُ من المراكب، فيكون ذلك أشد عليك من المشي، تخرج في نُفَير يسيرٍ، ولعمري لو كان ثُكلُ أمك ما تقدمتَ بهم، ويحك لَوْ أَتَى ذُو أتيّ على من معك من المسلمين بتغريرك بهم، ألم تكن قد هَلَكْتَ وأَهْلَكْت! فإذا جاءكَ كتابي هذا ولم تدخل أرض مصر فارجع بمن معك إلى عملك حتى يأتيك أمري، قال: فجعل وَجْهُ عَمْرو يتغيّر وهو يقرأ الكتاب حتى كان آخر ذلك، فقال: قد دخلنا أرض مصر، فانتهى إلى الفَرَمَا، فوجدَ بها قومًا قد أعدُّوا للقتال، فقاتَلهم فهزمهم، ومضى قُدمًا حتى انتهى إلى الفُسْطَاط، فوجدَ قومًا قد أعدُّوا للقتال وخَنْدَقوا حول حِصْنِهم، فنزل من وراء خَندقِهم.

وبعثَ عُمَرُ بنُ الخطاب الزبيرَ بن العوام مَدَدًا لعمرو بن العاص في عشرة آلاف من المسلمين، فَقَدِمَ عليه وهو مُحَاصِرُهم، وأقاموا أيامًا يقاتلون ثمّ هرب العدو، فدخلوا الحصن وغلقوهُ عليهم، فقال الزبير: أما إذا صاروا إلى حصنهم فَلَا بُدَّ مِنْ مُنَاهَضَتِهم، فأمر بِسُلَّمٍ فَأُتِي به ونصبهُ على الحصن ثم صعد عليه فكبّر وتبعه المسلمون، فدخل الحصن ودخل المسلمون على أثره فَفُتح عَنْوَةً، واستباحوا ما فيه، فعزل مغنمًا للمسلمين، ثم صالحَهم عَمْرو بن العاص على الجزية في رقابهم وعلى خَراج الأرض. ثم كتب إلى عمر بن الخطاب بما فتح الله عليه، وبسلامته