وَسَلَامَةِ مَنْ معه من المسلمين مَعَ عُقبة بن عامر الجُهَنِيّ فَحمِدَ عمرُ بن الخطاب الله على ذلك.
ثم كتب إلى عَمرو بن العاص يَحْمَدُ الله على ما أبلاه وَأَبْلَى المسلمون، ويقول: قد كنت عندي غير حميدٍ، فإياك إياك أن تفتاتَ عليّ بمثل هذا، إلا أن يكون أمرٌ يَحضُرك تخاف على المسلمين فيه فتناهضه بمن معك.
فكتب عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب: مِنْ عَمْرو بن العاص، سلامٌ إليك، فإني أحمدُ إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: قرأت كتاب أمير المؤمنين وما عَصَّبَني من اللائمة وأضاف إِلَيَّ مِنْ سُوءِ التدبير، فقد كان ما كان من الافتيات عليك لما رجوت من الفرصة والنصر، فرزق الله ذلك، ورزق الله السلامة، فنحمده على ذلك، ولست بعائدٍ إلى ما خالفك، ولا قوة إلا بالله، والسلام عليك ورحمة الله.
فأقام عمرو بن العاص بمصر ما أقام، ثم كتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في مناهضة أهل الإسكندرية، فكتب إليه عمر أن يسير إليهم بمن معه من المسلمين، فسار عمرو بن العاص في سنة إحدى وعشرين، وخلف على الفسطاط خارجة بن حُذافة العدوي، وقدَّم بين يديه مُقَدّمةً عليهم عبد الله بن حُذافَة السَّهْمِيّ، وقد تجمع له ما دون الإسكندرية من الروم والقبط يقولون: لا يدخل علينا الإسكندرية أبدًا.
وَزَحَفُوا إليه فَالْتَقَوا، فقاتَلهم عَمرو قتالًا شديدًا حتى هزمهم الله، وانتهوا إلى الكِرْيَون (١)، فقاتلوا قتالًا شديدًا حتى صَلَّى عَمْرو بن العاص يومئذ صلاة الخوف، ثم مضى قدمًا حتى انتهى إلى الإسكندرية، فأرسل إليهم المقوقس صَالِحْنا وَمَادِّنا مُدَّة ننتهي إليها نحن وأنت وأكتب إلى صاحبي - يعني ملك الروم - وسأله مُوادَعَة سنة، فَأبَى عَمرو، فقال: فشهرًا، قال: ولا ساعةً من نهارٍ، ثم قاتلهم أشد القتال حتى فتحها عَنْوَةً ودخلها بالسيف وغَنِمَ ما فيها من الروم وغيرهم الذين في جوفها، وجعل فيها رابطةً من المسلمين عليهم عبد الله بن حُذَافة.
(١) الكِرْيَون: موضع قرب الإسكندرية، أوقع به عمرو بن العاص بجيوش الروم.