للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن العاص، ويُقْبِلُ عَلِيٌّ في كتيبة أُخرى نحو من عدد الذي (١) مع عمرو بن العاص، فاقتتلوا ساعةً من الليل حتى كثرت القتلى بينهم، ثمّ صاح عَمْرو بأصحابه: الأرضَ يا أهلَ الشأم، فترجّلوا ودبّ بهم وترجّل أهلُ العراق، فنظرتُ إلى عمرو بن العاص يباشر القتال وهو يقول:

وَصَبَرْنا على مَواطنِ ضَنْكٍ … وَخُطوبٍ ترى البياض الوَليدا

ويُقْبِلُ رجل من أهل العراق فَخلصَ إلى عمرو وضربه ضربة جرحه على العاتق وهو يقول: أنا أبو السّمْراء، ويُدْرِكُه عمرو فضربه ضربة أثْبَتَه وانحاز عمرو في أصحابه وانحاز عَلِيٌّ في أصحابه (٢).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني إسماعيل بن عبد الملك، عن يحيَى بن شِبْل، عن أبي جعفر، عن عُبَيد الله بن أبي رَافِع، قال: نظرتُ إلى عمرو بن العاص يوم صِفِّين وقد وُضِعَتْ له الكراسيّ يَصُفّ الناس بنفسه صفوفًا ويقول كَقَصِّ الشارب، وهو حاسر، وأسمَعُه وأنا منه قريب يقول: عليكم بالشيخ الأزديّ أو الدجّال، يعني هاشم بن عتبة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني مَعْمَر بن راشد، عن الزُّهْريّ قال: اقتتل الناس بصفّين قتالًا شديدًا لم يكن في هذه الأمّة مثله قطّ حتى كره أهل الشأم وأهل العراق القتالَ وَمَلّوه من طول تَباذُلهم السيف، فقال عمرو بن العاص، وهو يومئذ على القتال، لمعاوية: هل أنت مُطيعي فتأمرَ رجالًا بنشر المصاحف ثمّ يقولون: يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن وإلى ما في فاتحته إلى خاتمته، فإنّك (٣) إن تفعل ذلك يختلف أهلِ العراق ولا يزيد ذلك أمرَ أهل الشأم إلّا استجماعًا. فأطاعه معاوية ففعل، وَأمَرَ عَمْرٌو رجالًا من أهل الشأم فَقُرِئَ المصحف ثمّ نادى: يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن. فاختلف أهل العراق، فقالت طائفة: أوَلسنا على كتاب الله وبيعتنا؟ وقال آخرون كرِهوا القتال: أجَبْنا إلى كتاب الله. فلمّا رأى عليّ وَهْنَهم وكراهَتَهُم للقتال، قَارَبَ معاويةَ فيما يَدْعُوهُ إليه، واختلف بينهم


(١) ث: من.
(٢) ل: وانحاز أصحابه.
(٣) ث، وإنك.