للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يجمع هذا الأمر وليس لك فيه صوتٌ ولا ذكر، فقال: أما أنت يا عبد الله فَأَمَرْتَني بالذي هو خيرٌ لي في آخرتي وأسلَمُ لي في ديني وأمّا أنت يا محمد فَأَمَرْتَني بالذي [هو] (١) أنْبَهُ لي في دنيايَ وأشرّ لي في آخرتي، وإنّ عليًّا قد بويع له وهو يُدِلّ (٢) بسابقته وهو غير مُشْرِكي في شيء من أمره، ارحلْ يا ورْدان. ثمّ خرج ومعه ابناه حتى قَدِمَ على معاوية بن أبي سفيان فبايعه على الطلب بدم عثمانُ (٣).

وكتَبا بينهما كتابًا نُسْخَتُه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تعاهد عليه معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ببيت المقدس من بعد قتل عثمان بن عفّان وحمل كلّ واحد منهما صاحبَه الأمانةَ، إنّ بيننا عهد الله على التناصر والتخالص والتناصح فما أمر الله والإسلام ولا يَخْذُلُ أحدُنا صاحبه بشيء (٤) ولا يتّخذ من دونه وَليجةً، ولا يحول بيننا ولدٌ ولا والدٌ أبدًا ما حَيينا فيما (٥) استطعنا، فإذا فُتِحَتْ مصر فإنّ عَمْرًا على أرضها وإمارته التي أمّره عليها أمير المؤمنين، وبيننا التناصح والتوازر والتعاون على ما نابنا من الأمور، ومعاوية أمير على عمرو بن العاص في الناس وفي عامّة الأمر، حتى يجمع الله الأمّةَ، فإذا اجتمعت الأُمّةُ فإنّهما يدخلان في أحسن أمرها على أحسن الذي بينهما في أمر الله الذي بينهما من الشرط في هذه الصحيفة. وكتب وردان سنة ثمانٍ وثلاثين.

قال: وبلغ ذلك عليًّا فقام فخطب أهل الكوفة فقال: أمّا بعد فإنّه قد بلغني أنّ عَمْرَو بن العاص الأبتر بن الأبتر بَايَعَ معاويةَ على الطلب بدم عثمان، وحَضّهم عليه فالعضد والله الشّلّاء عَمْرو ونُصْرَتُه.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا هشام بن الغاز وإبراهيم بن موسى عن عِكْرِمة بن خالد وغيرهما قالوا: كان عمرو بن العاص يباشر القتال في القلب أيّام صِفِّين بنفسه، فلمّا كان يومٌ من تلك الأيّام اقتتل أهلُ العراق وأهل الشأم حتى غابت الشمس، فإذا كتيبة خَشْناءُ من خلف صفوفنا أراهم خمسمائة فيها عمرو


(١) من ث.
(٢) يدل بسابقته: يعني يفخر بمكانته.
(٣) الطبري ج ٤ ص ٥٦٠.
(٤) بشيء: ليست في ث.
(٥) ث "وفيما".