للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عطاؤه نظر إلى قوتِ أهله من طعامهم وكسوتهم وما يصلحهم، فيعزله، وينظر إلى بقيته فيتصدق بهِ، فيقول أهله: أين بقية المال؟ فيقول: أقرضتُه. قال: فأتاه نَفَرٌ من قومه فقالوا: إنَّ لأهلك عليك حقًّا وإن لأصهارك عليك حقًّا وإن لقومك عليك حقًّا. قال: ما أَستَأْثر عليهم، إنّ يدي لمع أيديهم، وما أنا بطالب أو ملتمس رضاء أحد من الناس بطلبي الحُور العِين، لو طلعت منهن واحدةٌ لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس، وما أنا بِمُتَخَلِّفٍ (١) عن العُنُقِ (٢) الأول بعد إِذْ سمعتُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول: يجيء فقراءُ المسلمين يَدِفُّون كما يَدِفُّ الحمام فيقال لهم: قفوا للحساب، فيقولون: والله ما تركنا شيئًا نُحاسبُ به. قال فيقول الله: صدق عبادي. فيدخلون الجنة قبل الناس بسبعين عامًا (٣).

قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أُوَيْس المدني، قال: حدّثنا سليمان بن بِلَال، عن يحيى بن سعيد، قال: حدثني أبو طُوَالَةَ عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر بن حزم، أن مكحولًا أَخْبَرَهُ أنّ سعيد بن عامر بن حِذْيم الجُمَحِيّ من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال لعمر بن الخطّاب: إني أريد أن أوصيك يا عمر، قال: أَجَل فَأَوْصني قال: أوصيك أَنْ تَخْشَى الله في الناس وَلَا تَخْشَ الناسَ في الله ولا يَختلف قولك وفِعْلك، فإن خير القول مَا صَدَّقَهُ الفعلُ، ولا تقضِ في أمرٍ واحدٍ بقضاءَين، فيختلف عليك أمرك، وَتَزِيغ عن الحق، وخذ بالأمر ذي الحُجة تأخذ بالفُلْج ويُعِينُكَ الله ويصلح رَعِيَّتَكَ على يديك، وأقم وجهك وقضاءك لمن ولاك الله أمره من بعيد المسلمين وقريبهم، وأحبب لهم ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، وخض الغمرات إلى الحق ولا تخف في الله لومة لائم: فقال عمر: من يستطيع ذلك؟ فقال سعيد: مثلك من ولَّاه الله أمر أُمَّةَ محمد ثم لم يَحل بينه وبين أحد.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر، عن عُثمان


(١) ابن عساكر "وما أنا بمختلف".
(٢) جاء القوم عُنُقًا عُنُقًا: أي طوائف.
(٣) مختصر ابن منظور ج ٩ ص ٣٢٠.