للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(* قال محمد بن عمر: وحدثني غَيْرُ عبد الله بن يَزِيد، قال: فلما كان رسولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، بِحُنَيْنٍ صلّى يومًا الظهر ثم تَنَحَّى إلى شجرةٍ فجلس إليها، فقام إليه عُيَيْنَة بن بَدْر وهو يومئذٍ سيد قَيس يطلب بدمِ عامر بن الأَضْبط الأَشْجَعِي، فقام الأَقْرع بن حَابِس يَدْفَع عن مُحَلِّم بن جَثَّامَة لمكان خِنْدِف (١) فاختصما بين يدي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وعُيَيْنَةُ يقول: يا رسول الله، لا والله لا أدعهُ حتى أدخل على نسائِه من الحرب والحزن ما أدخل على نسائي. فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: تأخذ الدِّيَة؟ فَأبَى عُيَيْنَةُ حتى ارتفعت الأصوات وكثر اللَّغَط، إلى أن قام رجلٌ من بني لَيْث يقال له مُكَيْتِل، قصيرٌ، مُجتمِعٌ، عليه شِكَّةٌ (٢) [كاملة، ودَرَقَةٌ في يده] فقال: يا رسول الله إِنِّي لم أجد لِما فعل هذا شبهًا في غُرَّةِ (٣) الإسلام إلّا غَنَمًا وَرَدَتْ فَرُمِيَ أولها فنفر آخرها، فاسننُ اليوم وَغَيِّرْ غَدًا (٤). فرفع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يده وقال: تقبلون الدِّيَةَ خمسين فما فَوْرنا هذا وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة! فلم يزل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بالقوم حتى قبلوها. ومُحَلِّم بن جَثَّامة القاتل في طَرَفِ الناس فَلم يزالوا يَؤُزُّونَه (٥) ويقولون: ايتِ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، يَسْتَغْفِر لك.

فقام مُحَلِّم رجلٌ طويلٌ آدمٌ (٦) مُحَمَّرٌ بالحِنّاء، عليه حُلَّةٌ قد كان تَهَيَّأَ فيها للقتلِ للقصاص، حتى جلس بين يدي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وعيناهُ تدمعان، فقال: يا رسول الله، قد كان من الأمر الذي بلغك، وإني أتوبُ إلى الله فاسْتَغْفِرْ لي. فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: ما اسمك؟ قال: أنا مُحَلِّم بن جَثَّامَة. قال: قتلتَهُ بسلاحك غُرَّة الإسلام! اللّهم لا تغافر لِمُحَلِّم! بصوتٍ عالٍ أنفذ به (٧) الناس. قال


(* - *) الواقدي في المغازي ص ٩١٩ - ٩٢١.
(١) لدى الواقدي "لمكانه من خِنْدِف".
(٢) الشِّكَّة: السلاح.
(٣) غرة الإسلام: أوله.
(٤) أي أعمل بسنتك التي سننتها في القصاص، ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغير فغير (النهاية).
(٥) في النهاية (أَزَزَ) وفي حديث الأشتَر "كان الذي أزّ أمّ المؤمنين على الخروج ابنُ الزبير" أي هو الذي حركها: وأزعجها وحملها على الخروج.
(٦) الآدم من الناس: الأسمر.
(٧) لدى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف "بصوت عال يتفقد به الناس".