للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعاد فقال يا رسول الله، قد كان الذي بلغك، فإني أتوب إلى الله فاستغفْر لي، قال: فعاد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بصوتٍ عالٍ ينفُذُ (١) به الناس: اللهم لَا تَغْفِرْ لمُحَلِّم! حتى كانت الثالثةُ. قال: فعاد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لمقالته، ثم قال له رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: قُم! فقام من بين يَدَي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو يتلقى دموعَه بِفَضْل ردائِه، فكان ضُمَيْرة السُّلَميّ يُحدّث وكان قد حضر ذلك اليوم، قال: كنَّا نتحدّث فيما بيننا أَنّ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، حَرّك شَفَتَيْه بالاستغفار له، ولكنه أراد أن يُعلِم الناسَ قدْرَ الدَّمِ عِنْدَ اللهِ *).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبد الله بن أَبِي الزِّناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن الحسن البَصْرِيّ، قال: لمّا مات مُحَلِّم بن جَثَّامَة دفنه قوْمُه فَلَفَظَتْه الأرضُ، ثم دفنوه فَلَفَظَتهُ الأرضُ فطرحوه بين صَوْحَيْن (٢) فأكلته السِّباع (٣).

قال الحسن: أمّا أنّها تقبلُ مَنْ هو شرٌّ مِنهُ ولكن الله أحبَّ أن يريكم.

قال محمد بن عمر: صَوْحَين: حجارتين. وكان قد نزل بِأَخَرَةٍ حِمْص ومات بها، وكان قد بقي إلى أيام عبد الله بن الزبير.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني محمد بن حَرْب، عن محمد بن الوليد، عن لُقمان بن عامر، عن سُوَيد بن جَبَلَةَ، أنه قال: لمّا حضر مُحَلِّم بن جَثَّامَة الموتُ أتاه عَوْف بن مالك الأَشْجَعِيِّ فقال: يا مُحَلِّم، إِن استطعتَ أن ترجع إلينا فتُخبرنا بما رأيتم ولقيتم. قال: فأتاه في منامه بعد ذلك بعامٍ أو ما شاء الله، فقال - كيف أنتم يا مُحَلِّم؟ قال: نحن بِخَيْرٍ وجدنا رَبًّا رحيمًا غفر لنا. قال عوف أَكلّكم؟ قال: كلّنا غير الأَحْراض. قال ومَن (٤) الأَحْراض؟ قال: الذين


(١) لدى الواقدي "يَتَفَقَّد".
(٢) ورد لدى ابن الأثير في النهاية (صوح) وفي حديث محلم الليثي "فلما دفنوه لفظته الأرض فألقوه بين صَوْحَينِ". الصَّوْحُ: جانب الوادي وما يُقبل من وجْهِه القائم.
ولدى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف "فطرحوه بين صخرتين" ولدى ابن هشام "عمدوا إلى صُدَّين".
(٣) الواقدي في المغازي ص ٩٢١.
(٤) الواقدي "وَما الأحراض".