للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِذَا خَرجتَ غازيًا في سبيل الله فأخذتك الحُمَّى فقتلتك فأنتَ شهيدٌ، أو وَقَصَتْك دابتُك فأنت شهيد، لا تُبال بِأَيَّةٍ كان. فلما نزلوا تَبُوكًا أقاموا بها أيامًا ثم تُوفي عبد الله ذو البِجَادِين.

وكان بلال بن الحارث يقول: حضرتُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ومع بِلالٍ المؤذِّن شُعْلَةٌ من نارٍ عند القبر واقفًا بها، وإذا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - في القبر، وإذا أبو بكر وعمر يُدَلِّيَانه إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو يقول: أَدنِيا إليّ أخاكما! فلما هَيَّآهُ لِشِقِّه في اللحد، قال: اللهم إنّي قد أمسيت عنه راضيًا فارضَ عنه، قال: فقال ابن مسعود: يا ليتني كنت صاحِبَ اللَّحْدِ! هذا كله حديث محمد بن عمر عَن رجاله الذين روى عنهم غزوةَ تبوك *).

قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سَلَمَة، قال: أخبرنا أبو جعفر الخَطْمِيّ، عن محمد بن كعب القُرَظِيّ أن عبد الله ذا البِجَادَيْنِ كان امْرَأً من مُزَينة فوقع في قلبهِ حبُّ رسولِ الله، - صلى الله عليه وسلم - وحب الإيمان، فتوجه إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فذهبت أمّه إلى قومِهَا فقالت: إن عبد الله قد توجه نحو محمدٍ، فَاتَّبَعُوه فَرَدُّوهُ، فقالت أمّهُ: خذُوا ثيابَهُ فإنَّهُ أشدُّ الناسِ حياءً، وإنكم إن أخذتم ثيابه لم يبرح، فأخذوا ثيابَهُ وجردُوه فقعد في البيتِ فأبى أن يأكل ويشرب حتى يلحق بمحمدٍ، فلمّا رأته أمُّه لا يأكل ولا يشرب أَتَتْ قَوْمَهَا فَأَخْبَرَتْهم أنه قد حَلَف ألّا يأكل ويَشربَ حتى يلحق بمحمدٍ، فأعطُوهُ ثيابَه فإني أخافُ أن يموت فَأَبَوْا، فأخذت بِجَادَها فقطعتهُ قطعتين ثم زَرَّرت أَحَدَهُما فَأَزَّرَتهُ ووضعت الآخر على رأسه وقالت: اذهب. فذهب تَرفعُه أرض وتُخْفِضه أخرى حتى قَدِم المدينة فقرأ القرآنَ وَفَقِهَ في الدين، فكان يأوِي هو وأصحابهُ إلى ظل بيت امرأةٍ من الأنصار تصنعُ لهم طعامهم وتهيِّئ لهم أمرهم: فقال له أصحابه ذات يومٍ لَوْ تَزَوَّجْتَ فُلَانَةَ؟ فبلغ ذلك المرأةَ فقالت: ما لكم هِجِّيرَى (١) إلّا ذكرى! لتُمْسِكُنَّ عن ذكرى أو لا يؤويكم ظلُّ بيتي.


(١) لدى ابن الأثير في النهاية (هجر) وفي حديث عمر "ماله. هِجِّيرَى غَيْرَها" الهِجِّيرُ والهِجِّيرَى: الدَّأْبُ والعادَةُ.