للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فبلغ ذلك أبا بكرٍ فأتاها فقال: يا فلانة، ألم يبلغني أن عبد اللهِ خَطَبَكِ؟ فتزوجيه فإنّهُ في حسب من قومه وقد قرأ القرآن وفَقِه في الدين. وأتاها عمر فقال لها مثل ذلك، فبلغ ذاك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وكان عبد الله إذا طلعت الشمس قام يُصلي ما شاء الله أن يُصلِّي ثم يمر بالنبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيُسلم عليه ثم يذهبُ إلى رَحْلِهِ، فصلى ذات يومٍ فَمَرَّ بالنبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا عبد الله، ألم يَبلغُني أنك تذكر فلانةَ؟ قال: بلى، قال: فإني قد زَوَّجْتُكُهَا، فأتى أصحابه فقال: إن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد زَوَّجَنِيها، فجاءَ نِسْوَةٌ من الأنصار فذهبن بها فهيّأنها وَصَنَعنها وصَنَعْنَ لها بُردةً وصنعن لها وِسَادَةً من أدم وقدحًا وشيئًا من طعام، فَزَفَفْنَهَا عِشاءً، فقام يُصَلّي فلم يَعْرض لها حتى أَذَّنَ بلالٌ بالفجر، فلما أَذَّنَ بلالٌ ذهب النِّسْوةُ إلى أزواجهنّ فقلن: والله ما لعبد الله فيها من حاجة، ما عرض لها ولا أرادها وَلَا قربها! فصلى عبد الله مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، صلاة الفجر فلما طلعت الشمس قام يصلي نحوًا ممّا كان يُصلي، فمرّ بالنبي، - صلى الله عليه وسلم -، فسلم عليه فقال له رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: أَمَا لَكَ في أَهْلِك حاجَةٌ؟ قال: بلى، رأيتُ نِعمةً مِنْ نِعَمِ اللهِ امرأةً جميلةً وفراشًا وطعامًا فلم أجد شيئًا أتقرّبُ بهِ إلى الله إِلّا سِلَاحي، ولم أكن لأُوثر بِسِلَاحِي على الله ورسوله أحدًا، فلم أجد إلا أن أصَلّي وهذا وجهي إلى أَهْلِي يا رسول الله، فذهب إلى أهله فَأَصَابَ منها فَتَلَقت بجاريةٍ، فأصابتهُ جِرَاحَةٌ يوم خَيْبَر فأوصى إني لم أكن أعطيتُ امرأتي شيئًا فأعطوها مِنْ نصيبي مِنْ خَيْبَر، فمات.

قال ابن مسعود: وأصابنا جوعٌ شديدٌ فخرجت ذات ليلة فرأيت نُوَيْرَةً تَبِصُّ (١) فقلتُ: لَأَدْنُوَنّ منها لعلي أصيب عندها طعامًا، قال: فدنوت فإذا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في القبر يَحْفر يناولُ أبا بَكر وعُمَرَ الترابَ، وإذا عبد الله مُسَجًّى عليه ورسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يحفرُ ويناوِلُهُما الترابَ، فلما دفنوه قال: اللهم إنّي راضٍ عنهُ فارض عنه - مرتين أو ثلاثًا.

قال: فَشَبَّت الجاريةُ وجاء بنو عمه يُخَاصِمُونَ امرأتَه في ابنتهِ، فقضَى بها


(١) تَبِصُّ: تلمع.