للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ما زال يزيّن لي حتّى شَرِبتها، فلمّا وَغَلَت في بطني وعرف أنّه ليس إليها سبيل نَدَّمني (١) قال: ويْحك ما صنعتَ! شربتَ شرابَ محمّد فيجيء فلا يراه فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دُنياك وآخرتك، قال: وعليّ شَملة من صُوف كلّما رُفعت على رأسي خرَجت قَدَماي، وإذا أُرسلت على قَدَمي خرَج رأسي، قال: وجعل لا يجيئني نوم، قال: وأمّا صاحباي فناما، فجاء رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فسلّم كما كان يسلّم، ثمّ أتَى المسجد فصلّى، وأتى شرابه فكشَف عنه فلم يجد فيه شيئًا، قال: فرفع رأسه إِلى السّماء، قلت الآن يدعو عليَّ فأهلك، فقال: اللَّهم أطْعمْ مَنْ أطْعَمَني وَاسْقِ مَنْ سَقَاني! قال فعمدتُ إلى الشَّملة فشددتها عليّ وأخذت الشّفرة فانطلقتُ إلى الأعنز أجُسّهُنّ أيّتهنّ أسْمن فأذبحُ لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هُنّ حُفَّلٌ كُلهنّ، فعمدت إلى إناء لآل محمّد ما كانوا يطمعون أن يحلبوا فيه، فحلبت فيه حتى علته الرغوة، ثمّ جئت به إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -. فقال: أمَا شَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللّيْلَةَ يا مِقْدَادُ؟ قال قلتُ: اشرب يا رسول الله قال: فشرب ثمّ نَاولني، فقلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثمّ ناولني، فأخذتُ مَا بقى فشربتُ، فلمّا عرفتُ أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد روى وأصابتني دعوته ضحكتُ حتى أُلقيت إلى الأرض، قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: إحْدَى سَوْءَاتِكَ يا مِقْدَاد، قال قلت: يا رسول الله كان من أمري كذا وصنعتُ كذا، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: مَا كَانَتْ هَذِهِ إلّا رَحْمَةً مِنَ اللهِ، أفَلا كُنْتَ أدْنَيْتَني فَتُوقِظَ صَاحِبَيْك هَذَيْنِ فيصيبانِ مِنْهَا؟ قال قلت: والّذي بعثك بالحقّ ما أُبالي إذ أصبتَها وأصبتُها معك مَن أصابها من النّاس.

أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا زهير أبو خيثمة، أخبرنا سُليمان الأعمش عن القاسم قال: قال عبد الله بن مسعود: ما أعترف لأحدٍ أسلم قبلي، أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا في غَنم أهلي فقال: أَفِي غَنَمِك لَبَنٌ؟ قال قلتُ: لا، قال: فأخذَ شاةً فَلَمَسَ ضرعها فأنزلت، فما أعرف لأحدٍ أسلم قبلي.

أخبرنا عليّ بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف القرشي عن أبي زكريّاء


(١) ضبطت في م ضبط قلم بتشديد الدال وفتحها. وندّمه عليه: أندمه، أي جعله يندم.