قالت: قوم طلبوا القِرَى فقلتُ ما عندنا قِرًى، فأتاهم ابنها فاعتذر وقال: إنها امرأة ضعيفة، وعندنا ما تَحتاجون إليه، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: انْطَلِقْ فَأْتِني بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِكَ، فجاء فَأخَذَ عَنَاقًا، فقالت أُمّه: أين تذهب؟ قال: سألاني شاةً، قالت: يصنعان بها ماذا؟ قال: ما أحَبّا، فمسَح النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -. ضَرعها وضَرّتها فتحفّلت، فحَلَب حتى ملأ قعبًا وتركها أحفل ما كانت وقال: انْطَلِقْ بِهِ إلى أمّكَ وَأتِني بِشاةٍ أخْرى مِنْ غَنَمِكَ، فأتى أمّه بالقَعْب فقالت: أنَّى لكَ كذا؟ قال: من لبن الفلانة، قالت: وكيف ولم تَقْرِ سَلًا قطّ؟ أظنّ هذا واللَّاتِ الصّابئَ الذي بمكّة! وشربَتْ منه، ثمّ جاءه بعَنَاق أُخرى، فحلبها حتى ملأ القعب ثمّ تركها أحفل ما كانت ثمّ قال: اشْرَبْ، فشرب، ثمّ قال: جِئْني بأُخْرَى، فأتاه بها، فحلب وسقى أبَا بكر، ثمّ قال: جِئْني بأُخرى، فأتاه بها فحَلَب ثمّ شَرِب وتركهنّ أحفل ما كُنّ.
أخبرنا عليّ بن محمّد عن الحسن بن دينار عن الحسن قال: بينا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في مسجده إذ أقبل جمل نادّ حتى وضَعَ رأسه في حِجر النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وجرجر، فقال النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -: إنّ هَذَا الجَمَلَ يَزْعُمُ أنّهُ لِرَجُلٍ وَأنّهُ يُريدُ أنْ يَنْحَرَهُ في طَعَامٍ عَنْ أبِيهِ الآنَ فَجَاءَ يَسْتَغِيثُ، فقال رجل: يا رسول الله هذا جملُ فلان، وقد أراد به ذلك، فدعا النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، الرجلَ فسأله عن ذلك. فأخبره أنه أراد ذلك به، فطلب إليه النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، أن لا يَنحره، ففعل (١).
أخبرنا عليّ بن محمّد عن حُباب بن موسى السعيديّ عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: قال عليّ، - رضي الله عنه -: بتنا ليلة بغير عَشاء، فأصبحتُ فخرجتُ ثمّ رجعتُ إلى فاطمة، - عليها السّلام -، وهي محزونة، فقلت: ما لكِ؟ فقالت: لم نَتَعشَّ البارحة ولم نتغدَّ اليوم وليس عندنا عَشاء، فخرجتُ فالتمستُ فأصبتُ ما اشتريتُ طعامًا ولحمًا بدرهم، ثمّ أتيتُها به فخبزتْ وطبختْ، فلمّا فرغت من إنْضاج القِدْر قالت: لو أتيتَ أبي فدَعوته، فأتيتُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو مُضْطجع في المسجد وهو يقول: أعوذُ بالله مِنَ الجُوعِ ضجيعًا! فقلت: بأبي أنت
(١) الصالحي: سبل الهدى ج ١٠ ص ١٦٠ نقلًا عن ابن سعد.