للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للناس مساكن ودورًا. وبنى مسجدها وأقمنا معه حتى عزل عنها، وهو خير وال، وخير أمير، وولّى معاوية بن أبي سفيان حين عزل عقبة بن نافع مسلمةَ بن مُخَلَّد الأنصاري، ولّاه مصر وإِفريقية وعزل معاوية بن حُدَيْج (١) الكندى عن مصر، فَوَجَّهَ مَسْلَمَةُ بن مُخَلَّد إلى إِفريقية دينارًا أبا المهاجر، مولى له، وعزل عقبة بن نافع، فقيل لِمَسْلَمةَ بن مُخَلَّد: لو أقررتَ عقبة بن نافع عليها، فإن له جرأة وفضلًا، وهو الذي اخْتَطّها وبنى مسجدها. فقال مَسْلَمَة: إن أبا المهاجر كما ترى، إنما هو كأحدنا، صبر علينا في غير ولاية ولا كبير نيل، فنحن نحب أن نكافئه ونصطنعه. فوجهه إلى إِفريقية (٢).

فلما قدم دينار أبو المهاجر إِفريقية كره أن ينزل في الموضع الذي اختط عقبة بن نافع، فمضى حتى خَلفَه بميلين، ثم نزل موضعًا يقال له أيت كروان (٣) فابتناهُ ونزله.

وخرج عقبة بن نافع منصرفًا إلى المشرق حنقًا على أبى المهاجر، وكان أساء عزله، فدعا الله أن يمكنه منه، وبلغ ذلك أبا المهاجر فلم يزل خائفًا منه منذ بلغته دعوته عليه.

فقدم عقبة بن نافع على معاوية فقال: الله! إنى فتحت البلاد ودانت لي، وبنيت المنازل، وبنيت مسجد الجماعة، وسكّنتُ الرجال (٤)، ثم أرسلتَ عبدَ الأنصار فَأَسَاءَ عَزْلى! فاعتذر إليه معاوية وقال: قد عرفت مكان مَسْلَمَة من الإِمَام المظلوم رحمه الله، وتقديمه إياه على مَنْ سواه، ثم قيامه بعد ذلك بدمه، وبذل مُهْجة نفسه محتسبًا صابرًا مع مَن أطاعه من قومه ومواليه، وقد رددتك على عملك واليًا (٥).


(١) بضم الحاء المهملة وفتح الدال المهملة قيده ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ج ٣ ص ١٤٩، وانظر أيضا: أسد الغابة ج ٥ ص ٢٠٦ وتهذيب الكمال ج ٢٨ ص ١٦٧، ومختصر ابن عساكر ج ١٧ ص ١١٠، وفى الأصل "خديج" بالخاء المعجمة ومثله في ط، وهو خطأ.
(٢) ورد في مختصر ابن عساكر ج ١٧ ص ١١٠ بلفظه هنا.
(٣) كذا في الأصل، وفى مختصر ابن عساكر "أبت كروان".
(٤) كذا في الأصل، ومثله في مختصر ابن عساكر ج ١٧ ص ١١١. وقرأها محقق ط "الرحال" بالحاء المهملة.
(٥) ورد في مختصر ابن عساكر ج ٧ ص ١١١ بلفظه هنا.