للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: فبينا أنا في الناس ألتمس عليًّا، إلى أن طلع عليّ، فطلع رجلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ، كثير الالتفات، قال: فقلت: ما هذا صاحبى الذي ألتمس! إذا رأيت حمزة يَفْرِى الناسَ فَرْيًا، فكمَنْتُ له [إلى] صخرةٍ وهو مُكَبِّس (١)، له كَتِيتٌ (٢)، فاعترض له سِباع بن [أُمّ] أَنْمار وكانت [أُمُّه] خَتَّانة بمكة مولاة شَرِيق بن عِلاج بن عَمْرو بن وَهب الثَّقَفِيّ، وكان سِبَاع يُكنَى أبا نيَار فقال: وأنت أيضًا يابن مُقَطِّعة البُظُور مِمّن يُكثر علينا، هلم إِلَيَّ! فاحتمله حتى إذا بَرِقَت قدماه رَمَى به، فبَرَك عليه فَشَحَطَه شَحْطَ الشاة.

ثم أَقْبلَ إلىّ مُكْبِسًا حين رآنى، فلما بلغ المَسِيلَ وطئَ عَلَى جُرُفٍ فَزَلَّت قدمه، فهززت حَرْبتى حتى رضيتُ منها، فأضرب بها في خاصِرِته حتى خرجتْ مِن مَثَانته، وكَرّ عليه طائفة من أصحابه، فأسمعهم يقولون: أبا عُمارة! فلا يُجيب، فقلت: قد والله مات الرجل! وذكرتُ وجدَ هند على أبيها وعمها وأخيها، وتكشف عنه أصحابه حين أَيقنوا بموته ولا يرونى، فأَكرُّ عليه فشققتُ بَطْنَه فأخرجتُ كَبده، فجئت بها إلى هند بنت عُتْبة فقلت: ماذا لي إن قتلتُ قَاتِلَ أبيك؟ قالت: سَلَبى! فقلت: هذه كبد حمزة، فَأَخَذَتها فمضغتْها ثم لَفَظتها، فلا أدرى لَمْ تُسِغْها أو قَذِرَتها، فنزعتْ ثيابَها وحليَّها فأَعْطَتْنيه ثم قالت: إذا جئتَ مكة فلك عشرة دنانير.

ثم قالت: أَرنى مصرعه! فأَريتها مصرعه. فقطعت مَذَاكيره، وجَدَعَت أَنفه، وقطعت أُذُنيه، ثم جعلت منه مَسَكَتَين ومِعْضَدَتين وَخَدَمَتين، حتى قدمت بذلك مكةَ وقدمتْ بكَبدِه معها (٣).

وشهد وحشى أيضًا الخندق مع المشركين، فقتل الطُّفيل بن النعمان


(١) لدى ابن الأثير في النهاية (كبس) ومنه حديث مقتل حمزة "قال وحْشِى: فكمَنْتُ له إلى صَخْرة وهو مُكَبِّس، له كَتِيتٌ" أي يقتحم الناس فَيكَبِّسهم. وما بين الحاصرتين منه.
(٢) لدى ابن الأثير في النهاية (كتت) ومنه حديث وحشى ومقتل حمزة "وهو مُكَبِّس، له كَتِيت" أي هَدِير وغطيط.
(٣) خبر وحشى مع ابنة الحارث بطوله أورده بلفظه الواقدي في المغازي ج ١ ص ٢٨٥ - ٢٨٦، وما بين الحاصرتين منه.