للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبدًا مُوضِعٌ في الباطل، كم لنا منك من يومٍ، يومِ الخندق ويوم بني قُريظة والنَّضِير وخَيبر، تُجْلِبُ عَلَيْنا وتقاتلنا (١) بسيفك، ثم أسلمتَ [كما] زعمتَ فتحرِّض علينا عدونا! فقال: أستغفر الله يا أبا بكر وأتوب إليه، ولا أَعُودُ أبدًا (٢).

فلما أمر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عمر فَأَذَّن في الناس بالرحيل، وقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنا قافلون إن شاء الله. فلما اسْتَقَلَّ الناسُ لوجههم نادى سَعِيد بن عُبيد بن أسيد بن عَمْرو بن عِلاج الثَّقَفِيّ فقال: ألا إن الحيَّ مقيم، قال: يقول عُيينة بن حِصن: أجل، والله مَجَدة كِرَامٌ (٣). فقال له عمرو بن العاص: قاتلك الله تمدح قومًا مشركين بالامتناع من رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد جئت تنصره؟! فقال: إني والله ما جئت معكم أقاتل ثقيفًا، ولكنى أردت إن افتتح محمّدٌ الطائف أصبت جارية من ثقيف فَأَتَّطِئُها (٤)، لعلها تلد لي غلامًا، فإن ثقيفًا قوم مناكير (٥)، فأخبر عمرو بن العاص النبي، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بمقالته فتبسم النبي، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: هذا الحُمْق المطاع (٦)!

ولما قدم وفد هوازن على رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فرد رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عليهم السبى، كان عيينة قد أخذ رأسًا منهم نظر إلي عجوز كبيرة فقال: هذه أُمُّ الحَيّ! لعلهم أن يَغْلوا بفدائها، وعسى أن يكون لها في الحى نسب! فجاء ابنها إلى عُيَيْنة فقال: هل لك في مائة من الإبل؟ قال: لا. فرجع عنه فتركه ساعة، وجعلت العجوز تقول لابنها: ما أَرَبُكَ (٧) فِيّ بعد مائة ناقة؟ اتركه فما أسرع


(١) كذا في الأصل، ومثله لدي الواقدي ص ٩٣٣ الذي ينقل عنه المصنف. وقرأها محقق ط "تجلبت وتقاتلنا" وهو خطأ.
(٢) الخبر لدي الواقدي في المغازي ص ٩٣٢، ٩٣٣، وما بين الحاصرتين منه.
(٣) في الأصل "مجد" وقد اتبعت ما ورد لدي الواقدي والطبرى ج ٣ ص ٨٥.
(٤) كذا في الأصل: ومثله لدي ابن هشام. ولدى الواقدي "ولكن أردت أن يفتح محمد الطائف فأصيبَ جارية من ثقيف فَأَطَأها لعلها تلد لي. . ." ولدى ابن الأثير في النهاية (وطأ) وفيه "إن جبريل صلى بي العشاء حين غاب الشفق واتَّطَأَ العِشاء" هو افتعل من وطَّأتُه. يقال: وَطَّأْت الشئ فاتَّطأ: أي هَيَّأته فتهيأ.
(٥) مناكير: ذوى دهاء وفطنة.
(٦) في الأصل "الحَمِق" وقد اتبعت ما ورد لدي الواقدي في المغازي ص ٩٣٧، وانظره كذلك لدي ابن هِشام في السيرة ج ٤ ص ٤٨٥.
(٧) الأرَب: الحاجة.