للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما يتركنى بغير فداء! فلما سمعها عُيَيْنة قال: ما رأيت كاليوم خُدْعَة! والله ما أنا من هذه إلا في غرور، لَا جَرَم، والله لأُباعدنَّ أَثركِ منِّي! قال: ثم مر به ابنها فقال عيينة: هل لك فيما دعوتنى إليه؟ فقال: لا أَزيدك على خمسين. فقال عُيَيْنة: لا أَفعل، ثم لبث ساعة فمر به وهو مُعرِضٌ عنه، فقال له عيينة: هل لك في الذي بذلتَ لي؟ قال له الفتى: لا أزيدك على خمس وعشرين فريضة، قال عيينة: والله لا أفعل. فلمّا تخوّف عيينةُ أن يتفرَّق الناسُ ويرتحلوا قال: هل لك إلي ما دعوتَنى إليه؟ قال الفتى: هل لك في عشر فرائض؟ قال: لا أفعل. فلما رحل الناس ناداه عُيَيْنة: هل لك إلي ما دعوتنى إليه إن شئت؟! قال الفتى: أَرْسِلْها وأَحْمَدُك، قال: لا والله ما لي حاجة بحَمْدِك. فأقبل عيينة على نفسه لائمًا لها يقول: ما رأيت كاليوم امرءًا أنكد. قال الفتى: أنت صنعتَ هذا بنفسك، عَمَدْتَ إلى عجوز كبيرة، والله مَا ثَدْيُها بِنَاهِدٍ، ولَا بَطنُها بوالد، وَلَا فُوهَا بباردٍ، ولا صاحبها بواجد، فأَخَذْتَها من بين من ترى، فقال له عيينة: خذها لا بارك الله لك فيها. قال يقول الفتى: يا عيينة، إن رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قد كسا السَّبْى فأخطأها من بينهم الكسوة فهل أنت كاسيها ثوبًا؟ قال: لا والله، ما لها ذاك عندي! قال: لا تفعل! فما فارقه حتى أخذ منه شمل ثوب. ثم ولى الفتي وهو يقول: إنك لغير بصير بالفرص! وشكا عُيَيْنة إلي الأقرع ما لقى، فقال له الأقرع: إنك والله ما أخذتها بِكرًا غَريرة (١) وَلَا نَصَفًا (٢) وَثِيرَة (٣) ولا عجوزًا مَيِّلَةً (٤)، عمدتَ إلي أحوج شيخ في هَوَازِنَ فسبيتَ امرأته. قال عيينة: هو ذاك (٥).

قال: وأعطى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عيينة بن حصن من غنائم حُنين مائة من الإبل.

وبعثه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، سرية في خمسين رجلًا من العرب ليس فيهم مهاجرى ولا أنصارى إلى بني تميم، فوجدهم قد عدلوا من السُّقْيا يؤمّون أرضَ


(١) الغريرة: المتوسطة من النساء في السن.
(٢) النصف: المرأة بين الحدثة والمسنة.
(٣) أي كثيرة اللحم.
(٤) أمام هذه الكلمة في حاشية الأصل "مَيِّلَة: ذات مال".
(٥) الخبر بطوله أورده الواقدي في المغازي بنصه ص ٩٥٢ - ٩٥٤، وانظر بعضه لدي ابن هشام ج ٤ ص ٤٩٠ والصالحي في سبل الهدى ج ٥ ص ٥٧٤.