للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بني سُلَيم في صحراء، قد حلُّوا وسرّحوا مواشيَهم، والبيوت خُلُوف ليس فيها أحد إلا النساء، فلما رأوا الجمع ولَّوْا، فأغار عليهم، فأخذ منهم أحد عشر رجلًا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيًّا فجلبهم إلى المدينة، فأمر بهم رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فحُبِسوا في دار رَمْلَة بنت الحَدَث، فقدم فيهم عشرة من رؤسائهم وفدًا إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنزل الله فيهم القرآن {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [سورة الحجرات: ٤]. ورد رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الأسرى والسبي، وأمر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، للوفد بجوائز (١).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: دخل عيينة ابن حصن على النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنا عنده، فقال عيينة: من هذه الحُمَيْرَاء يا محمد؟ فقال رسول. الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هذه عائشة بنت أبي بكر. فقال: ألا أنزل لك عن أحسن الناس عن ابنة جمرة فتنكحها؟ فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا. قالت: فلما خرج قلت لرسول، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من هذا، فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هذا الأَحْمَقُ المُطاع [في قومه] (٢).

قالوا: وكان عُيَيْنة قد ارتد حين ارتدت العرب، ولحق بطُلَيحة بن خُوَيلد حين تَنَبَّأَ، فآمن به وصَدَّقَه على ما ادعى من النبوة، فلما هُزِم طُلَيْحَة وهرب أخذ خالد بن الوليد عُيَيْنة بن حِصْن فبعث به إلى أبي بكر الصديق في وثاق فَقَدِمَ به المدينة، قال ابن عباس: فنظرت إلى عُيينة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل يَنخُسه غِلمانُ المدينة بالجريد ويضربونه ويقولون: أي عدو الله! كفرت بالله بعد إيمانك، فيقول: والله ما كنت آمنت. ووقف عليه عبد الله بن مسعود فقال: خِبْتَ وخَسِرت، إنك لمُوضِعٌ في الباطل قديمًا، فقال عيينة: أقصر أيها الرجل فلولا ما أنا فيه لم تكلمنى بما تكلمنى به فانصرف عنه ابن مسعود، فلما كلّمه أبو بكر رجع إلى الإسلام فقبل منه وعفا عنه وكتب له أمانًا (٣).

قال: أخبرنا علي بن محمد عن عامر بن أبي محمد قال: قال عيينة لعمر بن


(١) الواقدي ص ٩٧٤، ٩٧٥.
(٢) أنساب الأشراف ج ١ ص ٤١٤ وما بين الحاصرتين منه.
(٣) ابن قتيبة: المعارف ص ٣٠٣ - ٣٠٤.