للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خالد عن عامر الشعبي قال: لما كان زمن عمر، قدم عديّ بن حاتم عَلَى عُمَر، فلما دخل عليه كأنه رأى منه شيئًا يعني جَفاءً فقال: يا أمير المؤمنين أما تَعْرِفُني؟ فقال: بَلَى والله أعرفك، أَكْرَمَكَ الله بأحسنِ المعرفة، أعرفك والله، أسلمتَ إذ كفروا، وَعَرَفْتَ إذ أَنْكَرُوا، وَوَفَّيْتَ إذ غَدَرُوا، وأَقْبَلْتَ إذ أَدْبَرُوا. فقال: حَسْبي يا أمير المؤمنين، حَسْبي يا أمير المؤمنين، حَسْبي (١).

رجع الحديث إلى حديث محمد بن عمر، قال: ولما أسلم عدي بن حاتم أراد أن رجع إلى بلاده فبعث إليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يَتَعَذَّرُ (٢) من الزّاد ويقول ما أصبحَ عند آل محمد سُفَّة (٣) من طعام، ولكنك ترجع ويكون خيرًا، فلمّا قَدِم على أبي بكر أعطاه ثلاثين فريضة. فقال عدي: يا خليفة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنت إليها اليوم أحوج، وأنا عنها غَنِيّ. فقال أبو بكر: خُذْها أيها الرجل، فإني سمعتُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يَتَعذَّرُ إليك ويقول: ولكن ترجع ويكون خيرًا: فقد رجعتَ وجاء الله بالخير، فأنا مُنفِذٌ ما وَعَدَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في حياته، فأنفذها. فقال عدي: آخذها الآن فهي عطيَّة من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو بكر: فذاك (٤).

قال: وسار عديُّ بن حاتم مع خالد بن الوليد إلى أهل الرِّدَّة، وقد انضم إلى عدي من طيِّئ ألف رجل، وكانت جَدِيلَةُ مُعْتَرِضَةً (٥) عن الإسلام، وهم بطن من طَيِّئ، وكان عدي من الغَوْث، فلما هَمَّتْ جَدِيلة أن ترتد ونزلت ناحيةً، جاءهم مُكْنِفُ بن زيد الخيل الطائي، فقال: أتريدون أن تكونوا سُبَّة (٦) على قومكم لَمْ يرجعْ رجل واحد من طَيِّئ! وهذا أبو طريف معه ألف من طيئ! فكسرهم (٧).


(١) ابن الأثير: أسد الغابة ج ٤ ص ٩ - ١٠.
(٢) يتعذر: بمعنى يعتذر.
(٣) كذا في الأصل، ومثله في مختصر ابن عساكر ج ١٦ ص ٢٩٨، وقرأها محقق ط "شفة" وهو خطأ، والسفة: القبضة من القمح ونحوه.
(٤) مختصر ابن عساكر ج ١٦ ص ٢٩٧ - ٢٩٨.
(٥) في مختصر ابن عساكر "مُعْرِضَة".
(٦) كذا في الأصل، ومثله في مختصر ابن عساكر. وقرأها محقق ط "سية" وهو خطأ.
(٧) مختصر ابن عساكر ج ١٦ ص ٢٩٩.