للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلما نزل بُزَاخَة قال لعدي: يا أبا طريف ألا تَسِير (١) إلى جَدِيلة؟ فقال: يا أبا سليمان، لا تفعل، أقاتل معك بيدَيْن أحب إليك أم بيد واحدة؟ فقال خالد: بل بيدين. فقال عدي: فإنّ جَدِيلَة إحدى يديّ. فكفَّ خالدٌ عنهم، فجاءهم عديّ فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا، فسارَ بهم إلى خالد، فلما رآهم خالد فَزِع، وظن أنهم أتوا لقتالٍ، فصاحَ في أصحابه بالسلاح، فقيل له: إنما هي جَديلة أَتَتْ تقاتل معك. فلما جاءوا حلوا ناحية، وجاءهم خالد فرحب بهم، واعتذروا إليه من اعتزالهم، وقالوا: نحن لك بحيث أحببت. فجزاهم خيرًا، فلم يَرْتَدِدْ من طيِّئ رجل واحد (٢).

فسار خالد على بُغْيَتِه. فقال عدي بن حاتم: اجعل قومي مقدمة أصحابك. فقال: أبا طريف الأمر قد اقترب ولُحِم (٣)، وأنا أخاف إِنْ تَقَدَّم قومُك ولَحِمَهُم (٤) القتال انكشفوا فانكشف مَنْ معنا، ولكنْ دَعْني أقدِّم قومًا صُبُرًا لهم سوابق وثبات. فقال عدي: فالرأي رأيتَ. فقدَّم المهاجرين والأنصار (٥).

قال: فلما أبى طليحة أن يقر بما دعا إليه انصرف خالد إلى معسكره واستعمل تلك الليلة عَلَى حَرَسِه عَدِيَّ بن حاتم، ومُكْنِفَ بن زيد الخيل، وكان لهما صدقُ نِيّة وَدِين، فباتا يحرسان في جماعة من المسلمين، فلما كان في السَّحَر نهض خالد فعبَّى أصحابه، ووضع ألويته مواضعها، فدفع لواءه الأعظم إلى زيد بن الخطاب، فتقدم به، وتقدم ثابت بن قيس بن شماس بلواء الأنصار، وطلبت طيِّئ لواءً يعقد لها، فعقد خالد لواءً ودفعه إلى عدي بن حاتم وجعل ميمنة وميسرة.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن نافع مولى بني أسيد عن نَابِل (٦) مولى عثمان بن عفان وكان حاجبه قال: جاء عدي


(١) كذا في الأصل ومثله في مختصر ابن عساكر، وقرأها محقق ط "نسير".
(٢) مختصر ابن عساكر ج ١٦ ص ٢٩٩.
(٣) لَحَم الأمَر: إذا أحكمه وأصلحه.
(٤) لحمه القتال: إذا شب فيه فلم يجد مخلصا.
(٥) مختصر ابن عساكر ج ١٦ ص ٢٩٩.
(٦) كذا في الأصل، ومثله في مختصر ابن عساكر ج ١٦ ص ٣٠٠، وقرأه محقق ط "نائل"، وهو خطأ.