للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه جرير بن عبد الله من أُلَّيْس في ركب من بجيلة، فكلّمهم عمر فقال: إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة فاخرجوا إليهم. فقال جرير: يا أمير المؤمنين، قومي لهم عدد كثير وهم متفرقون في العرب. فقال: فاخرجوا وأنا أخرج معكم، مَنْ كان منكم في قبائل العرب فأخرجوا من القبائل.

وقال له جرير: اجعل لي من السواد جعلًا إن ظفرت به. فجعل له ربع السواد بعد الخمس، فانتدب معه أربعة آلاف من بجيلة والنخع وغير ذلك من أفناء العرب وذلك في سنة أربع عشرة.

وأقبل جرير حتى بلغ الكوفة، فلما دنا من المثنى بن حارثة الشيباني كتب إليه: أن أَقْبِلْ إِلَيّ، فإنما أنت مَدَدٌ لي، فكتب إليه جرير: إني لستُ بفاعل إلا أن يأمرني أمير المؤمنين، فأنت أمير وأنا أمير. فسار جرير، وقد بعث ملكُ الزَّارَة (١) قائدَه مِهْران في جَمْع من فارس لقتال المسلمين، فأقبل حتى قطع الفرات إلى جرير، فالتقوا بالنُّخَيْلَة فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فَبَارَزَ مِهْران جَريرًا، فقتله جرير، وأخذ سَلَبه وقلنسوة كانت عليه (٢).

وانهزمت الفُرس حتى جاءوا المدائن، وفتح جرير بعض السواد، وسار جرير حتى لقى الحاجب بقس الناطف فقاتله فهزمه، واجتمعت الأعاجم، وبعثوا إلى الكور فاجتمعوا إلى المدائن فاستُعْمِل عليهم رستم، فلما بلغ ذلك جريرًا وأنه لا يدان له بهم، كتب إلى عمر يخبره بجمعهم، فكتب إليه عمر: جاءك ما لا يدان لك به، فالحق بالمثنى بن حارثة، وكتب عمر إلى المثنى بن حارثة أن انضم إلى جرير، وأقبل أنس بن مدرك الخثعمي في خمسمائة من حَيّة فنزلوا مع جرير النُّخَيلة.

وأقبل رستم وكان منجمًا، وكان يرى أن العرب قاتلوه ومَنْ معه إن قاتلهم،


(١) لدى البكري وياقوت الزارة مدينة من مدن فارس، ومنها مرزبان الزارة، وله ذكر في الفتوح. وفتحت الزارة في سنة ١٢ هـ في أيام أبي بكر الصديق.
ولست أدري لم أغفل محقق المطبوعة كلمة "الزارة" الواردة بالأصل ووضع بدلًا منها كلمة "الفرس" ثم ادعى أن كلمة "الفرس" ساقطة وأنه أضافها لمقتضى السياق.
(٢) أورده الطبري ج ٣ ص ٤٧١.