للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سنين، فدخل جرير على عمر فقال: يا جرير لولا أني قاسم مسئول لكنت على ما جعلته لك. فرده جرير وأجازه عمر بثمانين دينارًا (١).

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن ابن أبي عون قال: أرسل عليّ بن أبي طالب جرير بن عبد الله إلى معاوية يعلمه حاله وما يريد ويكلمه، فخرج حتى قدم الشام فنزل على معاوية، ثم قام فحمد الله وأثْنَى عليه وصلَّى على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: أما بعد، يا معاوية، فإنه قد اجتمع لابن عمك الحَرَمان، والناس لهما تبع، مع أن معه أهل البصرة وأهل الكوفة وأهل مصر وأهل اليمن قد بايعوا، فبايع ابن عمك ولا تخالف ولا تعند عن الحق وما أنت فيمن أنت فيه، فَلَا تُلَفِّف على أصحابك واصدقهم، وأجلِ لهم الأمر وناصحهم في الحق والدين، وهو معطيك الشام ومصر تكون عليهما ما دمت حيًا على أن تعمل بكتاب الله وسُنة نبيه صلوات الله عليه وسلامه.

وكان عند معاوية يومئذ وجوه أهل الشام ذو الكلاع، وشرحبيل بن السمط، وأبو مسلم الخولاني، ومَسْروق العكي، فتكلّموا بكلام شديد، وردوا أشد الرد، وتهدّدوا معاوية أشد التهدّد إن هو أجاب إلى هذا القول وترك الطلب بدم عثمان. فقال جرير: الله الله في حقن دماء المسلمين، ولمّ شَعثهم وجَمْع أمر الأمة: فإن الأمر قد تقارَب وصلح: قالوا: لا نريد هذا الصلح حتى نقاتل قَتَلَة عثمان، فنحن وُلاته والقائمون بدمه. فقال معاوية: على رِسْلكم أنا معكم على ما تريدون وتقولون ما بقيت أرواحنا. فَجَزَاه القوم خيرًا وكَفّوا عنه.

وخرج جرير حتى قدم على عليّ بن أبي طالب فقال: ما وراءك؟ قال: الشر. أما معاوية فهو يرضى بما يعطى، ولكنه مع قوم لا أمر له معهم، كلهم يقوم بدم عثمان وهم مائة ألف، والقوم مقاتلوك. فقال الأشتر: يا أخا بجيلة إن عثمان اشترى دينك ودين قومك بهمذان، فقال جرير: أما والله لقد ناصحتك يا أمير المؤمنين وجئتك بالصدق. فلم يزل الأشتر يحمل على جرير عند علي حتى خافه، فهرب جرير وكاتب معاوية، فسار عليّ إلى دار جرير فشعث منها، حتى كلمه أبو مسعود الأنصاري.


(١) البلاذري: فتوح البلدان ص ٣٢٧.