إلى ما يصير أمره وهم أصحاب النُّخَيْلَة، ومضت الفرقة الثالثة الذين شهدوا عَلَى عَلِيٍّ وأصحابه بالشرك واستعرضوا الناس بالقتل، أولئك أصحابُ النَّهروان. وكان رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي. هم الذين اعتزلوا فقاتلهم عليّ حتى قتلهم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا ربيعة بن عثمان، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهم، قالوا: جاء نعي معاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عباس يومئذ غائب بمكة، فلمّا صدر الناس من الحج سنة ستين وتكلم عبد الله بن الزبير وأظهر الدعاء، خرج ابن عباس إلى الطائف، فلما كانت وقعة الحَرَّة وجاء الخبرُ ابنَ الزبير، كان بمكة يومئذ عبد الله بن عباس وابن الحنفية، ولما جاء الخبر بنعي يزيد بن معاوية وذلك لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين، قام ابن الزبير فدعا إلى نفسه وبايعه الناس، دعا ابن عباس وابن الحنفية إلى البيعة فأبيا أن يبايعا وقالا: حتى تجتمع لك البلاد ويأتسق لك الناس وما عندنا خلافٌ.
فأقاما على ذلك ما أقاما فمرة يكاشرهما، ومرة يلين لهما، ومرة يباديهما. فكان هذا من أمره حتى إذا كانت سنة ست وستين غلظ عليهما ودعاهما إلى البيعة فأبيا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني هشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جُبير بن مُطعم، عن أبيه قال: كان ابن عباس وابن الحنفية بالمدينة وعبد الملك يومئذ بالشام يغزو مصعب بن الزبير، فرحلا حتى نزلا مكة، فأرسل ابن الزبير إليهما أن يبايعا، قالا: حتى يجتمع الناس على رجل - وأنت في فتنة - فغضب من ذلك ووقع بينهُ وبينهما شرٌّ، فلم يزل الأمر يغلظ حتى خافا منه خوفًا شديدًا ومعهما الذريّة، فبعثا رسولًا إلى العراق يخبران بما هما فيه، فخرج إليهما أربعة آلاف فيهم ثلاثة رؤساء: عطية بن سعد، وابن هانئ، وأبو عبد الله الجُدلي. فخرجوا من الكوفة فبعث والي الكوفة في أثرهم خمسمائة ليردّوهم فأدركوهم بِوَاقِصَةَ (١) فامتنعوا منهم. فانصرفوا راجعين: فمرُّوا وقد أخفوا السلاح حتى انتهوا إلى مكة لا يعرض لهم أحدٌ، وإنهم ليمرُّوا على مسالح ابن الزبير ما يعرض لهم أحدٌ، فدخلوا المسجد فسمع بهم ابن الزبير حين دخلوا فدخلَ منزله، وكان