للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قد ضيق على ابن عباس وابن الحنفية، وأحضر الحطب يجعله على أبوابهما يحرقهما أو يبايعان، فهم على تلك الحال حتى جاء هؤلاء العراقيّون فمنعوهما حتى خرجا إلى الطائف وخرجوا معهم وهم أربعة آلاف وكانوا هناك حتى توفى عبد الله بن عباس فحضروا موته بالطائف. ثم لزموا ابن الحنفية فكانوا في الشعب وامتنعوا من ابن الزبير.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفي القاضي، عن أبيه، عن جدّه، قال: لما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان، ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما تبايعان فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نَعْرِض لك ولا لغيرك، فَأَبَى (١) وألَحَّ عليهما إلحاحًا شديدًا. وقال لهما فيما يقول: والله لتبايُعنَّ أو لأُحَرِّقَنَّكُم (٢) بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرةً سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هاربًا حتى دخل دار الندوة، ويقال: تعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ الله.

قال: ثم [ملنا] (٣) إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما، وهم في دور قريب من المسجد قد جمع الحطبَ. فأحاط بهم حتى بلغ رءوس الجُدُر، لو أنّ نارًا تقع فيه مَا رُئِي منهم أحدٌ حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذَرْنَا نُرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلدٌ حرامٌ حرّمة الله، ما أحله لأحد إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ساعةً، فامنعونا وأجيرُونا. قال: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي في الجبل: ما غنمت سريةٌ بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منًى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف،


(١) ث "فأتى" والمثبت من (ح) ومثله لدى ابن عساكر في تاريخ دمشق.
(٢) كذا في ح ومثله لدى ابن عساكر في تاريخ دمشق، والذهبي في السير ج ٣ ص ٣٥٦، وفي ث "لأحرقنكما".
(٣) ساقط من ث وهو في (ح) ومثله لدى ابن عساكر. والذهبي في السير.