للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعمر ثالثًا أبدًا حيث لم يكن أمير المؤمنين عثمان المظلوم - رحمه الله -، وكانوا هم الذين فعلوا بعثمان ما فعلوا.

فكتب معاوية إلى مروان يشكر له ما صنع واستعمله على المدينة ونزع سعيد بن العاص، وكتب إلى مروان: إذا جاءك كتابي هذا فلا تدع لسعيد بن العاص قليلًا ولا كثيرًا إلا قبضته، فلما جاء الكتاب إلى مروان بعث به مع ابنه عبد الملك إلى سعيد يخبره بكتاب أمير المؤمنين، فلما قرأه سعيد بن العاص صاح بجارية له هاتي كتابَيْ أمير المؤمنين، فَطَلَعتْ عليه بكتابَيْ أمير المؤمنين، فقال لعبد الملك: اقرأهما، فإذا فيهما كتاب من معاوية إلى سعيد بن العاص يأمره حين عزل مروان بقبض أموال مروان التي بذي المَرْوة والتي بالسويداء (١) والتي بذي خُشُب ولا يدع له عَذْقًا واحدًا فقال: أخبر أباك، فجزاه عبد الملك خيرًا، فقال سعيد: والله لولا أنك جئتني بهذا الكتاب ما ذكرت مما ترى حرفًا واحدًا، قال: فجاء عبد الملك بالخبر إلى أبيه فقال: هو كان أوصل لنا منا له (٢).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أَبي سَبْرَة، عن صالح بن كيسان قال: كان سعيد بن العاص رجلًا حليمًا وقورًا، ولقد كانت المأمومة (٣) التي أصابت رأسه يوم الدار قد كاد أن يَخِفّ منها بعض الخِفّة، وهو على ذلك من أوقر الرجال وأحلمه، وكان مروان رجلًا حديدًا، حديد اللسان سريع الجواب ذلق اللسان قَلَّما صبر أن يكون في صدره شيء من حُبّ أحدٍ أو بغضه إلا ذكره، وكان في سعيد خلاف ذلك، كان مَنْ أحبّ صَبَرَ عن ذكر ذلك له، ومن أبغض فمثل ذلك ويقول: إن الأمور تغيّر والقلوب تغيّر فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحًا اليوم عائبًا غدًا (٤).


(١) السويداء: موضع على ليلتين من المدينة على طريق الشام.
(٢) ث: "هو كان أوصل منا إليه" والمثبت رواية (ح) ومثله لدى ابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق ج ٩ ص ٣١١ - ٣١٢ والخبر بطوله لدى ابن عساكر في المختصر.
(٣) لدى ابن الأثير في النهاية (أمم) وفي حديث الشِّجاج "في المأمومة ثلث الدية" وهي الشجة التي بلغت أم الرأس.
(٤) أورده ابن عساكر بنصه في المختصر ج ٩ ص ٣١٢.