للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: حج معاوية سنة خمسين وسعيد بن العاص على المدينة وقد وليها قبل ذلك في آخر سنة تسع وأربعين، وهي السنة التي مات فيها الحسن بن علي. فلم يزل معاوية يَهِمّ بعزله، ويكتب إليه مروان يعلمه ما أبلى في شأن حسن بن علي وأن سعيد بن العاص قد لافى بني هاشم ومالأهم على أن يُدْفَن الحسن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، فوعده معاوية أن يعزله عن المدينة ويوليه، فأقام عليها سعيد ومعاوية يستحي من سرعة عزله إياه، وسعيد يعلم بكتب مروان إلى معاوية، فكان سعيد يلقى مروان ممازحًا له يقول: ما جاءك فيما قِبَلَنا بَعْدُ شيء؟ فيقول مروان: ولِمَ تقول لي هذا؟ أتظن أني أطلب عملك؟ فلما أكثر مروان من هذا سكت سعيد بن العاص واستحيا، وبلغ مروان أنه كتب إلى سعيد من الشام يُعْلَم بكتبك إلى أمير المؤمنين. تمحل بسعيد وتزعم أن سعيدًا في ناحية بني هاشم، ثم جاءه بَعْدُ العملُ، وقد حج سعيد سنة ثلاث وخمسين ودخل في الرابعة، فجاءه ولاية مروان بن الحكم فكان سعيد إذا لقيه بعد يقول ممازحًا له: قد كان وعدك حيث توفي الحسن بن علي أن يوليك ويعزلني فأقمت كما ترى سنين (١)، والله يعلم لولا كراهة أن يُعَدّ ذلك مني خِفَّة لاعتزلت ولحقت بأمير المؤمنين، فيقول مروان: أقصر فإنا رأينا منك يوم مات الحسن بن علي أمورًا ظننا أَنَّ صَغْوَك (٢) مع القوم، فقال سعيد: فوالله للقوم أشد لي تهمة وأسوأ في رأيا منهم فيك، فأما الذي صنعت من كفى عن حسين بن علي فوالله ما كنت لأعرض دون ذلك بحرف واحد وقد كَفَيْتَ أنت ذلك.

قال محمد بن عمر: قال: عبد الرحمن بن أبي الزناد: قال أبي: فلم يزالا متكاشَرين فيما بينهما فيما يُغَيّب أحدهما عن صاحبه ليس بحسن، وهم بعد يتلاقيان ويقضي أحدهما الحق لصاحبه إذا لزمه، وإذا التقيا سلم أحدهما على صاحبه سلامًا لا يعرف أن فيه شيئًا مما يكره، فكان هذا من أمورهما.


(١) ث "سَنَتَين" والمثبت من (ح) وكتب فوقه (صح).
(٢) صَغَا إلى القوم: كان هواه معهم.