للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المنبر، وأجلسني أمامه على الدرجة السفلى، والحزن يُعرف عليه، فتكلم فقال: إن المرء كثير بأخيه وابن عمه ألا إن جعفرًا قد استشهد، وقد جُعِل له جناحان يطير بهما في الجنة. ثم نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل بيته وأدخلني معه، وأمر بطعامٍ فَصُنِع لأهلي، وأرسل إلى أخي، فتغدينا عنده، والله، غداءً طيبًا مباركًا، عَمَدَتْ سَلْمَى خادِمُه إلى شعير فطحنته ثم نَسَفَتْه ثم أنضجته وأَدَمَتْه بزيت وجعلت عليه فُلْفُلًا، فتغديت أنا وأخي معه، فأقمنا ثلاثة أيام في بيته ندور معه كلما صار في بيت إحدى نسائه، ثم رجعنا إلى بيتنا. فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أساوم بشاة أخ لي فقال: اللهم بارك له في صفقته. قال عبد الله: فما بعتُ شيئًا ولا اشتريت إلا بُورك لي فيه (١).

قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، قال: حدثني الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي، قال: أمْهَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آل جعفر ثلاثًا بعدما جاءه نَعِيُّه، ثم أتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ادعو لي بَنِي أخي قال: فَجِيئَ بأُغْيلِمَةٍ ثلاثة كأنهم أفرخ؛ محمد وعون الله وعبد الله، قال: فقال: ادعوا لي الحلاق. قال: فَجِيءَ بالحلاق (٢) فحَلَق رءوسهم، فقال: أما محمد فشبيهُ عَمِّنا أبي طالب، وأما عَون الله فشبيه خَلْقِي وخُلُقي، ثم أخذ بيد عبد الله فأشالها، ثم قال: اللهم اخلف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه، فجاءت أمهم فجعلت تُفْرَحُ (٣) لهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أتخافين عليهم العيلة وأنا وليهم في الدنيا والآخرة (٤).


(١) نسب قريش ص ٨١ - ٨٢، وتاريخ دمشق ص ٢٦ (تراجم حرف العين)، وتهذيب الكمال ج ١٤ ص ٣٦٩.
(٢) كذا أورده ابن سعد في الموضع المماثل من ترجمة جعفر بن أبي طالب في الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدرًا. وفي ث "بالحجام".
(٣) لدى ابن الأثير في النهاية (فرح) وفي حديث عبد الله بن جعفر "ذَكَرَتْ أمُّنا يُتمَنا وجعلت تُفْرَح له" هو من أَفْرَحَه إذا غَمَّه وأزال عنه الفرح.
(٤) أورده ابن عساكر في تاريخ دمشق ص ٢٣ - ٢٤، والذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٤٥٧.