يقول الآخر: نتَفَ حَلَمَتِي، فيقول: انتف حَلَمَتَهُ، وجعل الرجل يأتي فيقول: لَهَزني فيقول: الْهَزْه، وجعل الرجل يجيء فيقول: نتف لحيتي فيقول: انتف لحيته.
وكان يقيمه كل يوم، ويدعو الناس إلى القصاص منه سَنَة، فقام مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فقال: جلدني مائة جلدة بالسياط، وليس بوالٍ، ولم آت قبيحًا، ولم أركب منكرًا، ولم أخلع يدًا من طاعة، فأمر بِعَمْرٍو أن يقام، وَدَفَع إلى مصعب سوطًا، وقال له عبد الله بن الزبير: اضرب. فجلده مصعب مائة جلدة بيده، فنغل جسد عَمرٍو فمات، فأمر به عبد الله فصلب.
قالوا: ونحّى عبد الله بن الزبير، الحارث بن خالد عن الصلاة بمكة، وكان عاملًا ليزيد بن معاوية عليها وأمر مصعب بن عبد الرحمن أن يصلي بالناس، فكان يصلي بهم، وكان لا يقطع أمرًا دون المِسْور بن مَخْرَمة، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وجبير بن شيبة، وعبد الله بن صفوان بن أمية، يشاورهم في أمره كله، ويريهم أن الأمر شورى بينهم لا يستبدُّ بشيء منه دونهم، ويصلي بهم الصلوات والجمع ويحج بهم.
وعزل يزيد بن معاوية، عَمْرو بن سعيد عن المدينة، وولاها الوليد بن عتبة، ثم عزله، وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان، فوثب عليه أهل المدينة فأخرجوه، وكانت وقعة الحرة.
وكانت الخوارج قد أتته، وأهل الأهواء كلهم، وقالوا: عائذ الله، وكان شعاره، لا حكم إلا الله، فلم يزل على ذلك بمكة، وحج بالناس عشر سنين وِلَاءً، أولها سنة اثنتين وستين، وآخرها سنة إحدى وسبعين (*).
قال: أخبرنا عارم بن الفضل، قال: حدثنا حماد بن يزيد، عن هشام بن عروة، قال: كان عبد الله بن الزبير بمكة تسع سنين (١).
قال: أخبرنا أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، أن عبد الله بن الزبير أقام بمكة تسع سنين، يهل بالحج لهلال ذي الحجة.