للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشام، فإني نظرت في ذلك فرأيته لا يحل لي أن أحل بنفسي، فراجع صاحبك واكتب إليه، قال: لا والله ما أقدر على ذلك.

فهيّأ عبد الله بن صفوان قومًا كانوا مُعَدِّين مع ابن الزبير من أهل السَّراة وغيرهم، فعقد لهم لواءً، وخرج عبد الله بن صفوان من أسفل مكة من اللِّيْط (١) فلم يشعر أُنَيْس بن عمرو الأسلمي وهو على عسكر عمرو بن الزبير، إلا بالقوم، فصاح بأصحابه وهم قريب على عُدّة فتصافّوا، فقتل أنيس بن عمرو في المعرك، ووجّه عبد الله بن الزبير مصعب بن عبد الرحمن بن عوف في جمع إلى عمرو بن الزبير، فَلَقوه فتفرق أصحابه عنه وانهزم عسكره من ذي طوى، وجاء عُبَيدة بن الزبير إلى عمرو بن الزبير فقال: أنا أُجيرك من عبد الله، فجاء به إلى عبد الله أسيرًا والدم يقطر على قدميه، فقال: ما هذا الدم، فقال:

لَسْنا على الأعْقَابِ تَدْمَى كُلُومنا … ولكن عَلَى أقدامنا يَقْطُرُ الدَّمُ

فقال: تكلم، أي عدو الله، المستحل لحرمة الله، فقال عبيدة: إني قد أجرته فلا تخْفر جِوَاري، فقال: أنا أجير جوارك لهذا الظالم الذي فعل ما فعل؟! فأما حَقُّ الناس فإني أقتص لهم منه.

فضربه بكل سوط ضرب به أحدًا من الذين بالمدينة وغيرهم، إلا محمد بن المنذر بن الزبير فإنه أبى أن يقتص، وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام فإنه أبى أيضًا.

وأمر به فحبس في حبس زيد عارم. وكان زيد عارم، مع عمرو بن الزبير، فأخذه فحبسه مع عمرو بن الزبير، فسمى ذلك الحبس سجن عارم (٢)، وبنى لزيد عارم ذراعين في ذراعين، وأدخله، وأطبق عليه بالجص والآجرِّ.

وقال عبد الله بن الزبير: من كان يطلب عَمْرو بن الزبير بشيء فليأتنا نقصّه منه، فجعل الرجل يأتي فيقول: نتف أشفاري (٣)، فيقول انتف أشفاره، وجعل


(١) اللِّيط تحرف في مختصر ابن منظور ج ١٩ ص ٢٠٦ إلى "اللبط" فليحرر.
(٢) لدى الفاكهي في أخبار مكة ج ٣ ص ٣٤١: هو سجن اتخذه ابن الزبير بمكة.
(٣) في مختصر ابن منظور ج ١٩ ص ٢٠٦ "أشعاري".