للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجع الحديث إلى الأول:

(* قال: ولما بلغ يزيدَ بن معاوية وثوبُ أهل المدينة وإخراجهم عامله وأهل بيته عنها، وجّه إليهم مسلم بن عقبة المري، وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة، كانت به النّوْطة (١)، فوجهه في جيش كثيف، فكلمه عبد الله بن جعفر في أهل المدينة، وقال: إنما تقتل بهم نفسك. فقال: أجل أقتل بهم نفسي، وأشفي نفسي، ولك عندي واحدة، آمر مسلم بن عقبة أن يتخذ المدينة طريقًا، فإن هم تركوه، ولم يعرضوا له، ولم ينصبوا الحرب، تركهم، ومضى إلى ابن الزبير فقاتله، وإن هم منعوه أن يدخلها ونصبوا له الحرب، بدأ بهم، فناجزهم القتال، فإن ظفر بهم قتل من أشرف له، وأنهبها ثلاثًا ثم مضى إلى عبد الله بن الزبير.

فرأى عبد الله بن جعفر، في هذا فرج كبير، وكتب بذلك إليهم، وأمرهم أن لا يعرضوا لجيشه إذا مَرّ بهم، حتى يمضي عنهم إلى حيث أرادوا. وأمر يزيدُ مسلمَ بن عقبةَ بذلك، وقال: إن حدث بك حدث، فحُصَين بن نمير على الناس، فورد مسلم بن عقبة المدينة، فمنعوه أن يدخلها، ونصبوا له الحرب، ونالوا من يزيد، فأوقع بهم وأنهبها ثلاثًا.

ثم خرج يريد ابن الزبير، وقال: اللهم إنه لم يكن قوم أحب إليّ أن أقاتلهم من قوم خلعوا أمير المؤمنين، ونصبوا لنا الحرب، اللهم فكما أقررت عيني من أهل المدينة، فأبقني حتى تقر عيني من ابن الزبير، ومضى فلما كان بالمشلل نزل به الموت، فدعا حصين بن نمير فقال له: يا برذعة الحمار، لولا عهد أمير المؤمنين إليّ فيك ما عهدت إليك، اسمع عهدي، لا تمكن قريشًا من أذنك، ولا تزدهم على ثلاث؛ الوقاف، ثم الثقاف، ثم الانصراف. وأعلم الناسَ أن الحصين واليهم، ومات مكانه. فدفن على ظهر المشلل لسبع ليالٍ بقين من المحرم سنة أربع وستين.


(*) من هذه العلامة إلى مثلها في ص ٤٨٧ أورده ابن عساكر ص ٤٥١ نقلًا عن ابن سعد.
(١) النوطة: غُدة تصيب البعير في بطنه فتقتله.