للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من أصحابه، لقتال عبيد الله بن زياد، فلقيه بأرض الموصل، على نهر يدعى الخازِر (١) فتراشقوا بالنبل ساعة، وتشاولوا بالرماح، ثم صاروا إلى السيوف، فاقتتلوا أشد القتال، إلى أن ذهب ثلث الليل، وقُتل أهل الشام تحت كل حجر، وهرب من هرب منهم، وقتل عبيد الله بن زياد، والحصينُ بن نمير في المعرك، وبعث بالرءوس إلى المختار، فبعث برأس عبيد الله بن زياد، وبرأس الحصين بن نمير وستة نفر من رؤسائهم مع خلّاد بن السائب الخزرجي، فقدم بها المدينة يومًا إلى الليل، ثم خرج بها إلى ابن الزبير، فنَصَبها على ثنية الحجون (٢).

وجعل ابن الزبير يسأل خلاد بن السائب عن التقائهم وقتالهم، فيخبره، فقال: فكيف رأيت مناصحة المختار؟ فقال: رأيتُه على ما يحبُّ أميرُ المؤمنين، يدعو له على منبره، ويذكر طاعَتَك ومُفَارَقَةَ بني مروان.

ورجع المختار ومن معه إلى الكوفة، وكتب إلى ابن الزبير يخدعه ويُخبره أنه إنما يقوم بأمره، ويسكّنه حتى يمكنه ما يريد.

فأبصر ابن الزبير أمره، وكلمه فيه عروة بن الزبير، وعبد الله بن صفوان، وغيرهما وأعلموه غِشّه وسوء مذهبه، وأنه ليس له بصاحب، قال: فمن أُوَلِّي؟ أحتاج إلى رجل جَلْد مجزئ مِقْدَام، فقال له مُصعب بن الزبير: لا تولِّ أحدًا أقومَ بأمرك مِنِّي، قال: فقد وليتك العراق، فَسِرْ إِلى الكوفة، قال: ليس هذا برأي، أَقْدمُ على رجل قد عَرَفْتَه، إنما هواه ورأيه في غيرنا، وإنما يستتر بنا، وقد اجتمع معه من الشيعة بَشَر كثير، ولكني أقدم البصرةَ وأهلها سامعون مطيعون، ثم أزحف إليه بالجنود إن شاء الله، فقال ابن الزبير: هذا الرأي.

فسار مصعب إلى البصرة واليًا عليها، وبلغ المختارَ، فعرف أنه الشر والسيف، فكتب إلى ابن الزبير يشتمه ويعيبه ويقول: إنه لا طاعة لك على أحد ممن قِبَلي، فأجْلِب بخَيْلك وَرَجِلِكِ، وخَطَب المختار الناس بالكوفة، وأظهر عيْب ابن الزبير، وخلعه، ودعا إلى الرضَا من آل محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذكر محمد بن


(١) الخازر: تحرف في الأصل إلى "الجازر" وصوابه من ياقوت. والخازر: نهر بين إربل والموصل، ثم بين الزاب الأعلى والموصل، يصب في دجلة.
(٢) سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٥٤٨.