للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحنفية فقرّظه وسماه المهدي، وكتب ابن الزبير إلى مُصعب يأمره بالمسير إلى المختار في أهل البصرة، فأمر مصعب بالتهيؤ ثم عسكر، واستعمل على مَيْمَنَته الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وعلى مَيْسَرته عبد الله بن مطيع، واستخلف على البصرة عبيد الله بن عمر بن عبيد الله بن مَعْمر.

وبلغ المختارَ مَسِيرُ مصعب بالجنود، فبعث إليه أحمر بن شميط البجلي، وأمره أن يواقعهم بالمَذار، فبيّتهم أصحاب مصعب فقتلوا ذلك الجيش، فلم يفلت منهم إلا الشريد، وقتل تلك الليلة عبيد الله بن علي بن أبي طالب، وكان في عسكر مصعب مع أخواله بني نهشل بن دارم.

وخرج المختار في عشرين ألفًا حتى وقف بإزائهم، وهم فيما بين الجسر إلى نهر البصريين، وزحف مصعب ومَن معه فوافوهم مع الليل، ولم يكن بينهم حرب، فأرسل المختار إلى أصحابه حين أمسى، أن لا يبرحن أحدٌ منكم موقفه حتى تسمعوا مناديًا ينادي يا محمد، فإذا سمعتم، فاحملوا على القوم، واقتلوا مَن لم تسمعوه ينادي يا محمد، ثم أمهل، حتى إذا حلّق القمر واتسق أمر مناديًا فنادى: يا محمد. ثم حملوا على مصعب وأصحابه فهزموهم، ودخلوا عسكرهم، فلم يزالوا يقاتلونهم حتى أصبحوا، وأصبح المختار وليس عنده أحد له ذكر غير عشرة فوارس، وإذا أصحابه قد وَغَلُوا جميعًا في أصحاب مصعب، فانصرف المختار منهزمًا فأغذّ السير حتى أتى الكوفة، فدخل القصر ورجع أصحاب المختار حين أصبحوا حتى وقفوا موقفهم فلم يروا المختار، وقالوا: قد قُتل. فهرب منهم مَن أطاق الهرب، واختفى الباقون، وتوجه منهم ثمانية آلاف إلى الكوفة، فوجدوا المختار في القصر فدخلوا معه.

وأقبل مصعب حتى خَنْدَق على سُدّة القصر والمسجد، وحصرهم أشدّ الحصار، فخرج المختار يومًا على بغلة شَهْباء، فقاتَلَهم في الزّيّاتين (١)، فقتلوه، وطلب أهل القصر الأمان من مصعب فأمنهم، وفيهم سبعمائة من العرب وسائرهم من الموالي والعجم، فأراد قتل هؤلاء، وتَرْك العرب فقيل له: ما هذا بدين، ذنبهم


(١) موضع في الكوفة كان سوقًا للزيت.