للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحد، تقتل العجم وتترك العرب، فقدمهم جميعًا فَضَرَبَ أعناقهم صَبْرًا، وبعثَ برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير مع رجل من الشرط، فقدم الرسول فانتهى إلى ابن الزبير وهو في المسجد الحرام قد صلى عشاء الآخرة، ثم قام يتنفل، قال: فوالله ما التفت إليه ولا انصرف حتى أسحر فأوتر، ثم جلس، فدنا الرسول فدفع إليه الكتاب، فقرأه، ثم دفعه إلى غلام له، فقال الرسول: يا أمير المؤمنين هذا الرأس معي، فقال: ألقه فألقاه على باب المسجد. ثم أتاه فقال: جائزتي قال: خذ الرأس الذي جئتَ به.

ولما قتل مصعبُ المختارَ، وظفر بالعراق، واستعمل العمال، وجبى الأموال، وكتب إليه إبراهيم الأشتر يعلمه بأنه على طاعته، وأسرع الناس إليه مع عداوته لأهل الشام، وقتله إياهم، ويسأله أن يأذن له في الوفادة إليه، فأجابه مصعب إلى ذلك، فخلف أبا قارب على الجزيرة وقدم على مصعب، فأخذ بيعته لعبد الله بن الزبير وأقام عنده، آثر الناس عنده، وأكرمهم عليه، إنما كان يجلسه على سريره، واستعمل مصعب المهلب بن أبي صُفرة على الجزيرة والموْصِل وأَذْرَبيجان وأَرْمِينِيةَ.

وفَرّق العمال في البلدان، ثم جمع أشراف أهل المِصرين، ووفد إلى عبد الله بن الزبير، وجعل إبراهيم بن الأشتر على الوفد جميعًا.

فقال له عبد الله: نظرت إلى راية قد خفضها الله فرفعتها.

قال: يا أمير المؤمنين، هذا سيد من خلفي، إن رضي رضوا، وإن سخط سخطوا. فحل عبد الله بن الزبير إزاره فإذا ضربة على منكبه قد أجافته، ثم قال لمصعب: أتراني كنت أحب الأشتر بعد هذه الضربة ضربنيها يوم الجمل.

وقال مصعب: يا أمير المؤمنين سمّ للوفد ما بدا لك من الجائزة وأنا أعطيهم إياه من العراق. قال: لا والله ولا درهمًا.

ثم خطب عبد الله بن الزبير فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أهل العراق، أتيتمونا أوباشًا من كل جِمّة، والله لو كانت تصرف لصرفناكم صرف الذهب، والله لوددتُ أن لي بكل رجليْن منكم رجلًا من أهل الشام.

فقام إليه أبو حاضر الأسدي - وكان قَاصَّ الجماعة بالبصرة - فقال: يا أمير المؤمنين، إن لنا ولك مثلًا قد مضى، هو ما قاله الأعشى: -