للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُلّقْتُها عَرَضًا وعُلِّقَتْ رجلًا غيرِي … وعُلِّقَ أخرى غيرَها الرّجلُ (١)

عُلّقْناكَ، وعُلِّقت أهل الشام، وعُلّق أهلُ الشام آل مروان، فما عسينا أن نصنع. قال الشعبي: فما سمعت جوابًا أحسن منه.

ثم انصرف مصعب والوفد إلى الكوفة، ثم قدم مصعب البصرة، فجمع مالًا ووفد الثانية على عبد الله بن الزبير بمال العراق، فعزله عن البصرة، وولاها ابنه حمزة بن عبد الله وكان شابًّا تائهًا، فأقام مصعب عند عبد الله بن الزبير، ومضى حمزة إلى البصرة، فمنع الناس العطاء وأمر بالمال يحمل إلى ابن الزبير فمنعه من ذلك مالك بن مسمع ووجوه أهل البصرة ونخسوا به، فخرج من البصرة، فبلغ ذلك ابن الزبير، فولى مصعب البصرة وأمره أن يتوجه إلى العراق.

قال الشعبي: فما رأينا أمير فُرْقَة كان أشبه بأمراء الجماعة من مصعب بن الزبير.

ولم يزل مصعب أحب أمراء العراق إليهم، كان يعطيهم عطاءين في السنة عطاء للشتاء، وعطاء للصيف، وكان يشتد في موضع الشدة، ويلين في موضع اللِّين، وكان محكمًا لأمره قويًا على شأنه.

وكان عبد الملك بن مروان يكتب إلى شيعته بالعراق في اغتيال مصعب. وكتب إلى شيعته بالبصرة يأمرهم أن يخرجوا على مصعب، وأخبرهم أنه باعث إليهم بألف من أهل الشام. ولم يَطْمَع في ذلك بالكوفة ومُصْعَبٌ بها، وكان يَخْرُج كل سنة حتى يأتي بُطْنَان حبيب (٢)، وهي من قِنَّسرين (٣) فيعسكر بها، وهي أقصى سلطانه، ويخرج مصعب بن الزبير حتى ينزل باجُمَيْرا (٤) من أرض الموصل، فيعسكر، وهي أقصى سلطانه، فقال أبو الجهم الكناني:

أبيتَ يا مصعبُ إِلّا سَيْرَا … أكل عام لك باجُمَيْرَا (٥)


(١) البيت في ديوان الأعشى ص ١٠٧.
(٢) بطنان حبيب: بأرض الشام، كان عبد الملك يشتو فيه في حربه لمصعب بن الزبير.
(٣) كورة بالشام بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم.
(٤) باجميرا: موضع دون تكريت من أرض الموصل.
(٥) ياقوت مادة (باجميرا).