للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على عقبة المدينة، ليرى ذلك قريش المدينة، فلمّا نفروا، جعلت قريش تمر به، والناس لا يقفون عليه، حتّى مَرّ به عبد الله بن عمر، فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، لقد كنْتُ نهيتك عن هذا -ثلاثًا- ولقد كنتَ عن هذا غنيا. ثمّ قال: أما والله ما علمت إنْ كنتَ لصوامًا قوامًا وصولًا للرحم، وإنّ أُمَّة تكون أنت شرهم لأمة صدق، ثمّ نَفَذَ فبلغ الحجاج موقف عبد الله بن عمر، فاستنزله فرمى به في مقابر اليهود.

ثمّ بعث إلى أمه أسماء بنت أبي بكر وقد ذهب بصرها، أن تأتيه فأبت أن تأتيه، فأرسل إليها لتأْتِيِنِي أو لأبعثنّ إليك مَن يسحبك بقرونك حتّى يأتينى بك، فأرسلت إليه إنى والله لا آتيك حتّى تبعث إليَّ مَن يَسحبنى بقرونى فيأتيك بى، فأتاه رسوله فأخبره. فلمّا رأى ذلك قال يا غلام: ناولنى سِبْتيّتى (١). فناوله نَعْلَيه، فأخذ نَعْلَيه فانتعلَ، ثمّ خَرَج يَتَوَذَّف (٢) يعنى مشية له -حتّى أتاها فدخل عليها، قال: فقال: كيف رأيْتِنِى صنعتُ بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدتَ عليه دنياه وأفسدَ عليك آخرتك، وقد بلغنى أنك تُعيّره تقول: يا بن ذات النطاقين، وقد كنتُ والله ذات نطاقين، أما أحدهما فَنِطاق المرأة الذى لا تستغنى عنه، وأما النِّطاق الآخر فإنى كنتُ أرفع فيه طعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطعام أبى من النَّمل وغيره، فأى ذلك -وَيْلَ أمك- عَيّرته به؟! أما إنى سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنه سيخرجُ من ثَقِيف رجلان؛ كذَّابٌ ومُبِير فأما الكذّاب، فقد رأيناه ابن أبي عُبيد، وأما المُبِير، فأنت ذاك. قال: فوثَبَ فانصرفَ عنها ولم يُراجعها.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب وعارِم بن الفضل، قالا: حَدَثَّنَا حماد بن زَيد، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيكة، قال: دخلتُ على أسماء بنت أبي بكر بعدَمَا قُتل عبد الله بن الزبير، فقالت: بلغنى أن هذا صَلَب عبد الله، ثمّ قالت:


(١) النعال السبتية: هى التى تتخذ من جلود البقر والمدبوغة بالقَرَظ.
(٢) لدى ابن الأثير في النهاية (و ذ ف) التوذف: مقاربة الخطو والتبختر في المشى. وقيل: الإسراع. ومنه حديث الحجاج "خرج يتوذف حتّى دخل على أسماء".