للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأعجب ذلك عثمان وسرّه، فقال عُتْبَة بن الوَغل (١) التّغْلبى شاعر أهل الكوفة:

تصَدّقْ علينا اِبْنَ عَفّانَ واحتْسَبْ … وأَمِّرْ علينا الأَشْعرِيَّ لياليا

فقال عثمان: نعم وشهورًا وسنين إن بقيتُ.

وكان الذى صنع أهلُ الكوفة بسعيد بن العاص أوّل وَهْن دخل على عثمان حين اجتُرئ عليه. ولم يزل أبو موسى واليًا لعثمان على الكوفة حتى قُتل عثمان. ولم يزل سعيد بن العاص -حين رجع عن الكوفة- بالمدينة حتى وثب الناس بعثمان فحصروه، فلم يزل سعيد معه في الدار يلزمه فيمن يلزمه لم يفارقه ويقاتل دونه (٢).

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنى عبد الله بن يزيد الهُذَلى عن عبد الله بن ساعدة قال: جاء سعيد بن العاص إلى عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، إلى متى تُمْسِك بأيدينا؟ قد أكلنا أكلًا هؤلاء القومُ، منهم مَن قد رمانا بالنَّبل ومنهم مَن قد رمانا بالحجارة ومنهم شاهرٌ سيفَه! فمُرْنا بأمرك. فقال عثمان: إنى والله ما أريد قتالهم ولو أردتُ قتالهم لرجوتُ أن أمتنع منهم ولكنّى أكلُهم إلى الله وأكلُ مَنْ أَلَّبَهُم عَلَيَّ إلى الله، فإنّا سنجتمع عند ربّنا، فأمّا قتال، فوالله ماآمُرك بقتال. فقال سعيد: والله لا أَسأل عنك أحدًا أبدًا. فخرج فقاتل حتى أُمَّ (٣).

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنى الحَكَم بن القاسم، عن مُصْعَب بن محمّد بن عبد الله بن أبى أميّة قال: حدّثنى من رأى سعيد بن العاص يومئذٍ يقاتل فضربه رجل يومئذٍ ضربة مأمومةً فلقد رأيتُه وإنّه ليسمع الرعد فيُغْشَى عليه.

قالوا: فلمّا خرج طلحة، والزّبير، وعائشة من مكّة يريدون البصرة خرج معهم سعيد بن العاص، ومَرْوان بن الحكَم، وعبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد، والمُغيرة بن شُعْبَة، فلمّا نزلوا مَرَّ الظّهْران، ويقال ذات عِرْق، قام سعيد بن العاص فحمد الله وأثْنى عليه ثمّ قال: أمّا بعدُ فإنّ عثمان عاش في الدنيا حميدًا وخرج منها فقيدًا وتوفّى سعيدًا شهيدًا فضاعف الله حسناته، وحَطّ سيّئاته ورفع درجاته مَعَ الذّينَ أنْعَمَ الله


(١) مختصر تاريخ دمشق ج ٩ ص ٣٠٧.
(٢) كذا في ث، ومثله في مختصر تاريخ دمشق ج ٩ ص ٣٠٨. وفى طبعة ليدن "الوعل".
(٣) أمّه أَمّا: أصاب أم رأسه. والخبر بتمامه لدى ابن عساكر كما ورد في مختصر ابن منظور ج ٩ ص ٣١٠.