إلى قبائه قد أدخل طرفيه في منطقته وتحت القباء الدرع، فضرب مروان على قفاه ضربة فقطع علابيّ رقبته ووقع لوجهه، فأرادوا أن يذفّفوا عليه فقيل: تبضّعون اللحم! فتُرك.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنى حفص بن عمر بن عبد الله بن جُبير، عن إبراهيم بن عُبيد بن رفاعة قال: قال لى أبى بعد الدار وهو يذكر مروان بن الحكم: عِبَادَ الله والله لقد ضربْتُ كعبه فما أحسبُه إلا قد مات ولكنّ المرأة أحفطتنى قالت: ما تصنع بلحمه أن تبضّعه؟ فأخذنى الحفاظ فتركتُه.
أخبرنى موسى بن إسماعيل قال: حدّثنى جُوَيْرِية بن أسماء عن نافع قال: ضُرب مروان يوم الدار ضربة جدّت أذنيه فجاء رجل وهو يريد أن يُجْهز عليه، قال فقالت له أمّه: سبحان الله تمثّل بجسد ميّت! فتركه. قالوا (*) فلمّا قُتل عثمان وسار طلحة والزّبير وعائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان خرج معهم مروان بن الحكم فقاتل يومئذٍ أيضًا قتالًا شديدًا فلمّا رأى انكشاف الناس نظر إلى طلحة بن عبيد الله واقفًا فقال: والله إنْ دمُ عثمان إلا عند هذا، هو كان أشدّ الناس عليه وما أطلب أثرًا بعد عين. ففوّق له بسهم فرماه به فقتله. وقاتل مروان أيضًا حتى ارتُثَّ فحُمل إلى بيت امرأة من عَنَزَة فداووه وقاموا عليه، فما زال آل مروان يشكرون ذلك لهم.
وانهزم أصحاب الجَمَل وتوارى مروان حتى أُخِذ له الأمان من عليّ بن أبى طالب فأمّنه، فقال مروان: ما تُقِرّني نفسى حتى آتية فأُبايعه. فأتاه فبايعه. ثمّ انصرف مروان إلى المدينة فلم يزل بها حتى ولى معاوية بن أبى سفيان الخلافة، فولّى مروان بن الحَكَم المدينة سنة اثنتين وأربعين ثمّ عزله، وولّى سعيد بن العاص ثمّ عزله، وأعاد مروان ثمّ عزله، وأعاد سعيد بن العاص فعزله، وولّى الوليد بن عُتْبة بن أبى سفيان فلم يزل على المدينة حتى مات معاوية، ومروان يومئذٍ معزول عن المدينة. ثمّ ولّى يزيدُ بعد الوليد بن عتبة المدينة عثمان بن محمد بن أبى
(*) من هذه العلامة إلى مثلها في ص ٤٧ أورده ابن عساكر عن ابن سعد كما في مختصر ابن منظور ج ٢٤ ص ١٨٥ - ١٩٠.