للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فتقدّم فافتتح بُسْت (١) وما يليها، ثمّ مضى إلى كابُل (٢) وزابُلِستْان (٣) فافتتحهما جميعًا، وبعث بالغنائم إلى ابن عامر.

قالوا: ولم يزل ابن عامر ينتقص شيئًا شيئًا من خراسان حتى افتتح هَراة وبُوشَنْج وسَرْخَس وأبْرَشَهْر والطالَقان والفارِياب وبَلْخ، فهذه خراسان التى كانت في زمن ابن عامر وزمن عثمان (٤). ولم يزل ابن عامر على البصرة، وهو سيّر عامر بن عبد قيس العَنْبَرى من البصرة إلى الشأم بأمر عثمان بن عفّان، وهو اتّخذ السوق للناس بالبصرة، اشترى دورًا فهدمها وجعلها سوقًا، وهو أوّل من لبس الخزّ بالبصرة، لبس جبّة دكناء فقال الناس: لبس الأمير جلد دُبّ. ثمّ لبس جبّة حمراء فقالوا: لبس الأمير قميصًا أحمر. وهو أوّل من اتّخذ الحياض بعَرَفَة وأجرى إليها العينَ وسقى الناس الماءَ فذلك جارٍ إلى اليوم.

فلمّا استُعتب عثمان مِنْ عمّاله كان فيما شرطوا عليه أن يُقِرّ ابن عامر بالبصرة لتحبّبه إليهم وصِلتَه هذا الحيّ من قريش. فلمّا نشب الناس في أمر عثمان دعا ابن عامر مجاشعَ بن مسعود فعقد له على جيشٍ (٥) إلى عثمان، فساروا حتى إذا كانوا بأدانى بلاد الحجاز خرجت خارجة من أصحابه فلقوا رجلًا فقالوا: ما الخبر؟ قال: قُتل عدوّ الله نَعْثَل، وهذه خُصْلة من شعره. فحمل عليه زُفَر بن الحارث، وهو يومئذ غُلام مع مُجاشِع بن مسعود، فقتله، فكان أوّل مقتول قُتل في دم عثمان. ثمّ رجع مجاشع إلى البصرة.

فلمّا رأى ذلك ابنُ عامر حمل ما في بيت المال، واستخلف (٦) على البصرة عبد الله بن عامر الحَضْرَمى، ثمّ شخَصَ إلى مكّة، فوافَى بها طلحة والزّبير وعائشة وهم يريدون الشأم فقال: لا بل ائْتوا البصرة، فإنّ لى بها صنائع، وهى أرض الأموال، وبها عدد الرجال، والله لو شئتُ ما خرجتُ منها حتى أضرب


(١) بست: مدينة بين سجستان وغزنين وهراة.
(٢) كابل: من ثغور طخارستان: إقليم متاخم للهند.
(٣) زابلستان: كورة واسعة قائمة بنفسها، جنوبى بلخ، قصبتها غزنة.
(٤) كذا في ث، ومثله لدى ابن عساكر. وفى طبعة ليدن "في زمن ابن عامر وعثمان".
(٥) كذا في ث، ومثله لدى ابن عساكر وهو ينقل عن ابن سعد. وفى طبعة ليدن "فعقد له جيشا".
(٦) لدى ابن عساكر "واستعمل".