للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجاء فاستأذن عليه، وقيل المختار أمين آل محمّد ورسوله، فأذن له وحيّاه ورحّب به وأجلسه معه على فراشه، فتكلّم المختار، وكان مفوّهًا، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ قال: إنّكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمّد، وقد رُكبَ منهم ما قد علمتَ، وحُرموا ومُنعوا حقّهم وصاروا إلى ما رأيتَ، وقد كتب إليك المهدى كتابًا، وهؤلاء الشهود عليه. فقال يزيد بن أنس الأسدى وأحمر بن شُميط البَجَلى وعبد الله بن كامل الشاكرى وأبو عَمْرة كيسان مولى بَجيلة: نشهد أنّ هذا كتابه قد شهدناه حين دفعه إليه. فقبضه إبراهيم وقرأه ثمّ قال: أنا أوّل من يجيب وقد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك وادْعُ إلى ما شئت (١).

ثمّ كان إبراهيم يركب إليه في كلّ يوم فزرع ذلك في صدور النَّاس، وورد الخبر على ابن الزبير فتنكّر لمحمّد بن الحنفيّة، وجعل أمر المختار يغلظ في كلّ يوم ويكثر تَبَعُه، وجعل يتتبّع قتلة الحسين ومن أعان عليه فيقتلهم، ثمّ بعثَ إبراهيمَ بن الأشتر في عشرين ألفًا إلى عبيد الله بن زياد فقتله وبعث برأسه إلى المختار فعمد إليه المختار فجعله في جُونة، ثمّ بعث به إلى محمّد بن الحنفيّة وعليّ بن الحسين وسائر بنى هاشم (٢).

فلمّا رأى عليّ بن حسين رأس عبيد الله ترحّم على الحسين وقال: أُتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين وهو يتغدّى، وأُتينا برأس عبيد الله ونحن نتغدّى، ولو لم يبقَ من بنى هاشم أحد إِلَّا قام بخطبة في الثناء على المختار والدعاء له وجميل القول فيه (٣).

وكان ابن الحنفيّة يكره أمر المختار وما يبلغه عنه ولا يحبّ كثيرًا ممّا يأتى به، وكان ابن عبّاس يقول: أصاب بثأرنا وأدرك وَغْمنا (٤) وآثرنا ووصلنا. فكان يُظْهِر الجميل فيه للعامّة. فلمّا اتّسق الأمر للمختار كتب لمحمّد بن عليّ المهديّ: من المختار بن أبى عبيد الطالب بثأر آل محمّد، أمّا بعد فإنّ الله تبارك


(١) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ٢٣ ص ١٠٢.
(٢) المصدر السابق.
(٣) نفس المصدر.
(٤) في حواشى ث: الوغم: الحقد.