للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتعالى لم ينتقم من قوم حتّى يُعْذِر إليهم، وإنّ الله قد أهلك الفسقة وأشياع الفسقة وقد بقيت بقايا أرجو أن يُلْحِق الله آخرهم بأوّلهم (١).

أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا ربيعة بن عثمان ومحمّد بن عبد الله بن عُبيد بن عُمير وإسحاق بن يحيَى بن طلحة وهشام بن عمارة عن سعيد بن محمّد بن جُبير بن مُطْعم والحسين بن الحسن بن عطّية العوفى عن أبيه عن جدّه وغيرهم أيضًا قد حدّثنى قالوا: لمّا جاء نعى معاوية بن أبي سفيان إلى المدينة كان بها يومئذٍ الحسين بن عليّ ومحمّد بن الحنفيّة وابن الزبير، وكان ابن عبّاس بمكّة. فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكّة، وأقام ابن الحنفيّة بالمدينة حتّى سمع بدنوّ جيش مُسْرِف وأيّام الحرّة فرحل إلى مكّة فأقام مع ابن عبّاس، فلمّا جاء نعى يزيد بن معاوية وبايع ابن الزبير لنفسه ودعا النَّاس إليه دعا ابن عبّاس ومحمّد بن الحنفيّة إلى البيعة له فأبيا يبايعان له وقالا: حتّى يجتمع لك البلاد ويتّسق لك النَّاس. فأقاما على ذلك ما أقاما، فمرّة يكاشرهما ومرّة يلين لهما ومرّة يباديهما، ثمّ غلظ عليهما فوقع بينهم كلام وشرّ، فلم يزل الأمر يغلظ حتّى خافا منه خوفًا شديدًا ومعهما النساء والذرّيّة، فأساء جوارهم وحصرهم وآذاهم، وقصد لمحمد بن الحنفيّة فأظهر شتمه وعيّبه وأمره وبنى هاشم أن يلزموا شعبهم بمكّة، وجعل عليهم الرقباء وقال لهم فيما يقول: والله لتُبَايعُنّ أو لأحْرقنّكم بالنار. فخافوا على أنفسهم (٢).

قال سُليم أبو عامر: فرأيتُ محمّد بن الحنفيّة محبوسًا في زَمْزَم والناس يُمْنَعون من الدخول عليه فقلتُ: واللْه لأدخلنّ عليه، فدخلتُ فقلتُ: ما بالك وهذا الرجلَ؟ فقال: دعانى إلى البيعة فقلت إنّما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك فأنا كأحدهم، فلم يرضَ بهذا منى، فاذْهب إلى ابن عبّاس فأقْرِئْه منى السلامَ وقل يقول لك ابن عمّك ما ترى؟ (٣).

قال سُليم: فدخلتُ على ابن عبّاس وهو ذاهب البَصَر فقال: من أنت؟


(١) نفس المصدر.
(٢) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ١١٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ١١٨.