للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقلت: أنصاريّ، فقال: رُبّ أنصاريّ هو أشدّ علينا من عدوّنا. فقلت: لا تخف، أنا ممّن لك كلّه. قال: هاتِ. فأخبرتُه بقول ابن الحنفيّة فقال: قل له لا تُطِعْه ولا نعمة عين إِلَّا ما قلتَ: لا تزده عليه. فرجعتُ إلى ابن الحنفيّة فأبلغتُه ما قال ابن عبّاس، فهمّ ابن الحنفيّة أن يقدم إلى الكوفة وبلغ ذلك المختار فثقُل عليه قدومه فقال: إنّ في المهدى علامة يقدم بلدكم هذا فيضربه رجل في السوق بالسيف لا تضرّه ولا تحيك فيه (١).

فبلغ ذلك ابن الحنفيّة فأقام فقيل له: لو بعثتَ إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنتم فيه. فبعث أبا الطّفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة، فقدم عليهم فقال: إنّا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء القوم. وأخبرهم بما هم فيه من الخوف، فقطع المختار بعثًا إلى مكّة فانتدب منهم أربعة آلاف، فعقد لأبي عبد الله الجَدَلى عليهم وقال له: سِرْ فإن وجدتَ بنى هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدًا وانْفذ لما أمروك به، وإن وجدتَ ابن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكّة حتّى تصل إلى ابن الزبير ثمّ لا تدع من آل الزُّبير شُفْرًا ولا ظُفْرًا. وقال: يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حِجَج وعشر عُمَر. وسار القوم ومعهم السلاح حتّى أشرفوا على مكّة فجاء المستغيث: اعْجلوا فما أُراكم تدركونهم. فقال النَّاس: لو أنّ أهل القوّة عجّلوا. فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عَطيّة بن سعد بن جُنادة العَوْفى حتّى دخلوا مكّة فكبّروا تكبيرة سمعها ابن الزبير فانطلق هاربًا حتّى دخل دار النَّدْوَه، ويقال بل تعلّق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ الله (٢).

قال عطيّة: ثمّ مِلْنا إلى ابن عبّاس وابن الحنفيّة وأصحابهما في دور قد جُمع لهم الحطب فأحيط بهم حتّى بلغ رءوس الجُدُر، لو أنّ نارًا تقع فيه ما رُئى منهم أحد حتّى تقوم الساعة، فأَخَّرْناه عن الأبواب، وعجل علي بن عبد الله بن عبّاس، وهو يومئذٍ رجل، فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه، وأقبل أصحاب


(١) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ١١٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ١١٩.