للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلندخل ولنَقْضِ نسكنا ثمّ لنخرج عنك. فأبَى، ومعنا البُدُن قد قلّدناها، فرجعنا إلى المدينة فكنّا بها حتّى قدم الحجّاج فقتل ابن الزبير ثمّ سار إلى البصرة والكوفة، فلمّا سار مضينا فقضينا نسكنا. وقد رأيتُ القمل يتناثر من محمّد بن عليّ. فلمّا قضينا نسكنا رجعنا إلى المدينة فمكث ثلاثة أشهر ثمّ توفّى (١).

أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا إسماعيل بن مسلم الطائى عن أبيه قال: كتب عبد الملك بن مروان: من عبد الملك أمير المؤمنين إلى محمّد بن عليّ. فلمّا نظر إلى عنوان الصحيفة قال: إنّا لِلَّه وَإنّا إلَيهِ راجعُونَ، الطُّلَقاء ولُعنَاء رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على منابر النَّاس، والذى نفسى بيده إنّها لأمور لم يقرّ قرارها.

قال أبو الطّفيل: فانصرفنا راجعين فأذن للموالى ولمن كان معه من أهل الكوفة والبصرة فرجعوا من مَدْيَن، ومضينا إلى مكّة حتّى نزلنا معه الشّعْب بمنى، فما مكثنا إِلَّا ليلتين أو ثلاثًا حتّى أرسل إليه ابن الزبير أن اشخص من هذا المنزل ولا تجاورنا فيه. قال ابن الحنفيّة: اصْبر وما صبرك إِلَّا بالله وما هو بعظيم من لا يصبر على ما لا يجد من الصبر عليه بُدًّا حتّى يجعل الله له منه مخرجًا، والله ما أردتُ السيف ولو كنتُ أريده ما تعبّث بي ابن الزبير ولو كنتُ أنا وحدى ومعه جموعه التي معه، ولكن والله ما أردتُ هذا وأرى ابن الزبير غير مُقْصِر عن سوء جوارى فسأتحوّل عنه. ثمّ خرج إلى الطائف فلم يزل بها مقيمًا حتّى قدم الحجّاج لقتال ابن الزبير لهلال ذى القعدة سنة اثنتين وسبعين، فحاصر ابن الزبير حتّى قتله يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الآخرة. وحجّ ابن الحنفيّة تلك السنة من الطائف ثمّ رجع إلى شعبه فنزله.

أخبرنا محمّد بن عمر، عن عبد الرحمن بن أبي الموال، عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن الحنفيّة عن أبيه قال: لمّا صار محمّد بن عليّ إلى الشعب سنة اثنتين وسبعين وابن الزبير لم يُقْتل والحجّاج محاصره أرسل إليه أن يبايع لعبد الملك، فقال ابن الحنفيّة: قد عرفتَ مقامى بمكّة وشخوصى إلى الطائف وإلى الشأم، كلّ هذا إباء منى أن أبايع ابن الزبير أو عبد الملك حتّى يجتمع النَّاس على


(١) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ١٢٤، وتاريخ الإسلام للذهبى وفيات سنة ٨١ هـ.