للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحدهما، وأنا رجل ليس عندى خلاف، لمّا رأيتُ النَّاس اختلفوا اعتزلتهم حتّى يجتمعوا، فأويتُ إلى أعظم بلاد الله حرمة يأمن فيه الطير فأساء ابن الزبير جوارى، فتحوّلتُ إلى الشأم فكره عبد الملك قُرْبى، فتحوّلت إلى الحرم فإن يُقتْل ابن الزبير ويجتمع النَّاس على عبد الملك أبايعك. فأبَى الحجّاج أن يرضى بذلك منه حتّى يبايع لعبد الملك، فأبَى ذلك ابن الحنفيّة وأبَى الحجّاج أن يُقِرّه على ذلك. فلم يزل محمّد يدافعه حتّى قُتل ابن الزبير.

أخبرنا الفضل بن دُكين ومحمّد بن عبد الله الأسدى قالا: حدّثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدّثنى سهل بن عُبيد بن عمرو الحارثى قال: لمّا بعث عبد الملك الحجّاج إلى مكّة والمدينة قال له: إنّه ليس لك على محمّد بن الحنفيّة سلطان. قال فلمّا قدم الحجّاج أرسل إليه الحجّاج يتوعّده ثمّ قال: إنى لأرجو أن يمكّن الله منك يومًا من الدهر ويجعل لى عليك سلطانا فأفعلُ وأفعلُ. قال: كذبتَ يا عدوّ نفسه! هل شعرتَ أنْ لله في كلّ يومٍ ستّون وثلاثمائة لحظة أو نفحة؟ فأرجو أن يرزقنى الله بعض لحظاته أو نفحاته فلا يجعل لك على سلطانًا. قال فكتب بها الحجّاج إلى عبد الملك فكتب بها عبد الملك إلى صاحب الروم فكتب إليه صاحب الروم: إنّ هذه والله ما هى من كنزك ولا كنز أهل بيتك ولكنّها من كنز أهل بيت نبوّة.

أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنى عبد الله بن جعفر عن صالح بن كَيْسان، عن الحسن بن محمّد بن عليّ قال: لم يبايع أبي الحجّاج، لمّا قُتل ابن الزبير بعث الحجّاج إليه فجاء فقال: قد قتل الله عدوّ الله، فقال ابن الحنفيّة: إذا بايع النَّاس بايعتُ. قال: والله لأقتلنّك! قال: أو لا تدرى أنْ لله في كلّ يومٍ ثلاثمائة وستّون لحظة في كلّ لحظة ثلائمائة وستّون قضيّة؟ فلعلّه يكفيناك في قضيّة من قضاياه (١).

قال فكتب بذلك الحجّاج إلى عبد الملك فأتاه كتابه فأعجبه، وكتب به إلى صاحب الروم، وذلك أنّ صاحب الروم كتب إليه يهدّده أنَّه قد جمع له جموعًا كثيرة، فكتب عبد الملك بذلك الكلام إلى صاحب الروم، وكتب: قد عرفنا أنّ


(١) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ١٢٧.